مها العريفج
اختتمت اليوم الأربعاء بدار الرحمانية بمحافظة الغاط فعاليات الدورة السادسة عشرة لمنتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع بعنوان: “أسرة آمنة تلاحم وحماية وتمكين”، بمشاركة أكاديميات سعوديات وخبيرات في شؤون الأسرة.
وفي بداية المنتدى ألقت راعية الحفل صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة بنت مساعد بن عبدالعزيز كلمة أكدت فيها على أهمية دعم التكوين العائلي ليكون قادرا على التفاعل مع مستجدات العصر، وقادرا على استثمار الفرص والمتغيرات لإعلاء قيمة الأسرة وتفعيل أدوارها في المجتمع.
وقالت الأميرة سارة إن إهداف هذا المنتدى كبيرة وتتلاقى مع طموحنا في الحرص على توفير بيئة أسرية آمنة تحظى بحسن التوجيه والمتابعة وتوفر القدوة الصالحة لأفرادها في أجواء من التواد والتعاون والوفاء. وأنه لا عذر لنا إن فرّطنا في أدوارنا لتعزيز دور الأسرة وتمتينها، وبخاصة في زمن الرؤية الطموحة لبلدنا العزيز، وأكدت الأميرة سارة أن المرأة السعودية تضطلع بحضور باهر في خدمة وطنها ومجتمعها.
وألقت رئيسة المنتدى أ.د. مشاعل بنت عبدالمحسن السديري، مساعدة المدير العام لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي كلمة قالت فيها إن اختيار هيئة المنتدى لموضوع أمن الأسرة في هذه الدورة كون الأسرة تمثل الركيزة الأولى في استقرار المجتمع وكينونته وهي المنبت الذي تنشأ فيه أجيال المستقبل.
وقالت إنه منذُ تأسيس مركز عبدالرحمن السديري الثقافي قبل نحو ستين عامًا حرص على أن يكون للمرأة قسط وافر من الاهتمام، سواء في التخطيط للأنشطة والبرامج الثقافية أو في تنفيذها والاستفادة منها، فقد أنشأ المركز أول مكتبة عامة للنساء في المملكة، تتولَّى البرامج الثقافية الخاصة باهتمامات المرأة والأسرة والطفل. ومنذ عشرين عاما جاء تأسيس مكتبة منيرة الملحم بمحافظة الغاط لتضطلع بالبرامج والأنشطة الثقافية المتعلقة بالمرأة والأسرة، وما هذا المنتدى السنوي الذي نلتقي فيه اليوم إلا أحد مناشطها المهمة التي تعنى بالموضوعات التي تهم الأسرة على مستوى الوطن. كما أشارت الدكتورة السديري إلى حصول المركز في هذا العام على جائزة وزارة الثقافية للمؤسسات غير الربحية ضمن مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية في دورتها الثالثة التي تُنظمها وزارة الثقافة، ويعدُ ذلك شهادةً بالدور الذي يؤديه المركز في مجال الثقافة المجتمعية في الوطن الغالي.
وأعلنت الدكتورة مشاعل السديري عن إطلاق عدة مبادرات تتعلق بالأسرة، هي مبادرة الصحة النفسية للأسرة بالشراكة مع اللجنة الوطنية لتعزيز الصحةِ النفسية؛ ومبادرة شدن للتربية الوالدية الفعالة بالشراكة مع مؤسسة العنود الخيرية؛ ومبادرة الإرشاد الأسري.
وافتتحت جلسات المنتدى العلمية بمشاركة للدكتور عبدالله الفوزان نائب الرئيس والأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري، فقال إننا نشهد اليوم تحديات عديدة تواجه الأسرة على المستويين المحلي والعالمي، وهذا المنتدى يلقي الضوء على كيفية حماية الأسرة من المشكلات التي قد تواجهها، لمواجهة حملات أعداء الأسرة الذين يسعون إلى تفكيك هذا الكيان المهم الذي ينبغي أن يبنى على المودة والرحمة كما هو في ديننا الإسلامي الحنيف، وأكد الدكتور الفوزان على أهمية سيادة لغة الحوار وتبادل الأفكار والآراء داخل الأسرة في حوار هادئ يؤسس لعلاقات أسرية سليمة وبناءة ويضمن تنشئة أجيال قادرة على مواجهة المستقبل.
وفي الجلسة الأولى للمنتدى، التي ترأستها الدكتورة الجازي الشبيكي، بعنوان روابط قوية وحماية فعّالة: خريطة طريق الأسرة نحو الاستقرار والتماسك، تحدث د. عبدالعزيز الدخيل عضو اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات فقال إن الفجوة الجيلية التي تحدث بسبب الاختلاف في القيم والآراء بين كبار السن والشباب، قد تؤدي إلى مشكلات أسرية إذا لم تعالج.
أما المتحدثة الثانية أ. تهاني المجحد فتحدثت عن تنمية مهارات الحماية والأمان لأفراد الأسرة، وأكدت على أهمية التواصل داخل الأسرة الواحدة، ونقل الأفكار والمشاعر للطرف الآخر لإيجاد نقاط التقاء وفهم مشتركة في الحوارات، وزيادة القدرة على حل أي مشكلات يمكن أن تحدث.
أما الجلسة الثانية للمنتدى فكانت بعنوان معززات الاستقرار والازدهار لبناء أسرة صحية آمنة، أدارتها د. وعد العارف. وكانت المتحدثة الأولى أ. ديما آل الشيخ الخبيرة في مجال القيم والسلوك بمؤسسة مسك، فقالت إن تعزيز القيم والمهارات هي الطريق المثلى لتحقيق التوازن والأمن الأسري، فالتحولات التقنية التي ظهرت مؤخرا تنطوي على مخاطر وتحديات مختلفة، منها زيادة الانفتاح على القيم الغربية، وصعوبة فهم التقنية لدى الكبار، وتقلص دور الأسرة كمصدر أساس للقيم.
وكانت المتحدثة الثانية في الجلسة أ. هيلة المكيرش فتحدثت عن شبكات الدعم المجتمعي الداعمة للاستقرار الأسري، وقالت يـــأتـي حـــرص الـــدولـــة واهتمامها بكيان الأسرة الســعوديــة وأفرادهــــا كونهـــا النـــواة الأولى لبناء مجتمع ســـلـيـم وفاعـــل قـــادر على مواجهة التحديات والتحولات المتسارعة، وقد وضعت رؤية المملكة 2030 الأســـــرة فـــي قلب الحـــراك التنمــوي وزودتها بعوامل النجاح التي تمكنها من رعاية أبنائها وتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
وقالت رئيسة المنتدى أ.د. مشاعل بنت عبد المحسن السديري إن المنتدى هذا العام حرص على الخروج بتوصيات نوعية قابلة للتطبيق والقياس، وذات أثر وعائد اجتماعي له انعكاسات متعددة، ومن أهمها:
1. تنفيذ دراسات تشخيصية للوضع الراهن، بإشراف مراكز الأبحاث والدراسات الاجتماعية، والجهات المعنية مثل مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري، لقياس الفجوة بين الأجيال للخروج بسياسات داعمة على المستوى الوطني لمعالجتها؛
2. إجراء دراسات تحليلية للتعرف على التحديات التي تواجه أفراد الأسرة في الاستفادة من الخدمات والبرامج الداعمة لهم؛ بإشراف الجهات المهتمة بالأسرة، مثل مجلس شؤون الأسرة، وإدارة الإرشاد الأسري بوزارة الموارد والتنمية الاجتماعية، والجمعيات الأهلية، للخروج بتوصيات تدعم تطوير تلك السياسات والبرامج.
3. العمل على تعزيز القيم والمهارات من خلال رسم خطة وطنية (يتولى مجلس شؤون الأسرة وضعها، والأشراف على تنفيذها) تستهدف كافة أفراد الأسرة، وتعزز لديهم الانتماء والوعي المجتمعي حيال كافة العوامل الهادمة والمؤثرة على تماسك الأسرة وقوة ترابطها.
4. بناء شراكات القطاعين الحكومي والخاص بالتعاون مع القطاع غير الربحي لتطوير مبادرات وبرامج وخدمات ودراسات تستهدف تعزيز الترابط الأسري وتجسير الفجوة بين الأجيال.
5. تطوير دليل شامل (بالشراكة مع وزارة العدل ومجلس شؤون الأسرة) للأنظمة والتشريعات والسياسات والخدمات الداعمة للأسرة في كافة المجالات، وعرضها في منصات إلكترونية لسهولة الوصول لها عبر مواقع الجهات ذات العلاقة كمجلس شؤون الأسرة.
6. تعزيز التواصل بين الأجيال، من خلال تبني الجهات ذات العلاقة (قطاعات حكومية، القطاع غير الربحي)، مثل مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري، لتنظيم برامج وورش عمل ولقاءات تستهدف تقريب وجهات النظر بين الأجيال وتعزيز الوعي المجتمعي.
7. تنمية مهارات التواصل والحوار الفعال بين أفراد الأسرة من خلال إعداد حقائب تدريبة محكمة يشرف عليها مجلس شؤون الأسرة بالتعاون مع مراكز الإرشاد الأسري في هذا المجال، وتنفذها مؤسسات المجتمع المدني بالشراكة مع القطاعات الحكومية ذات العلاقة.
8. التركيز على قضايا الطفولة وبخاصة حماية الأطفال من أي انتهاكات قد تعرضهم للمخاطر سواء الاجتماعية أو النفسية أو الجسدية وتعزيز دور القطاعات الحكومية (مثل وزارة التعليم، وهيئة حقوق الإنسان، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وغيرها من القطاعات ذات العلاقة، ومؤسسات المجتمع المدني) في تطوير برامج وخدمات تضمن النمو الإيجابي للنشء.
9. التأكيد على شراكة وزارة الإعلام مع الجهات المهتمة بالأسرة، لاستخدام القنوات الرسمية (الإذاعية، والتلفزيونية)، ووسائل التواصل الاجتماعي بهدف تعزيز القيم والتقاليد العربية السعودية.
10. تضمين موضوعات عن الاسرة والقيم الاجتماعية، ومهارات التواصل، وقيم التعامل والتفاعل مع افراد الاسرة في مناهج التعليم.
واختتمت الدكتورة السديري حديثها إن هذه التوصيات من شأنها أن تعزز مكانة الأسرة وتمكنها من القيام بأدوارها في تمتين أفرادها بما ينعكس ذلك كله بالخير والإسهام في التنمية على مستوى الوطن، وبما ينسجم مع توجهات وتطلعات قيادتنا حفظها الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.