لكل أجل كتاب، وعندها تدرك بأن ليس للإنسان إلا عمله، وما بذله وقدمه في حياته من جوانب إنسانية على بلده ومواطنيه، ولذا كسب الدكتور/ محمد بن عبدالله المنيع محبة الجميع بحسن خلقه وتواضعه، وحسن سجاياه، ولم أتمالك نفسي عندما سمعت بوفاته، وكم صدمني حزن ابنائه، وإخوانه وكافة أسرته، وأقاربه ومعارفه ومحبيه.
والدكتور محمد المنيع يحمل الدكتوراه في الإدارة التربوية من جامعة أوكلاهوما الولايات المتحدة الأمريكية، وخبرة 32عام في جامعة الملك سعود في مجال التدريـس، وإدارة كلية التربية، وكلية الدراسات العليا، ورئيس تحرير مجلة العلوم التربوية، والدراسات الإسلامية بالجامعة، وله عشرات البحوث في التعليم العام والعالي، وأشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه.
وكان محكم للبحوث، والترقيات العلمية، ومساهما في وضع خطتي التنمية الخامسة، والسادسة فيما يخص المؤسسات التعليمية في المملكة، وعمل خبيراً لمكتب التربية العربي لدول الخليج العربية ومستشار غير متفرغ لمشروع الجامعة العربية المفتوحة، ومستشار لوزارة التخطيط، وشارك في عدة مؤتمرات، وندوات داخل، وخارج المملكة.
فالدكتور محمد كان عديلي وصديقي، وعزيز على نفسي، وسيظل قلبي ينبض حباً، ووفاءً لك يا أخي الفاضل دكتور محمد، وكما كنت محبا لك أثناء حياتك، فإنه من حقك علي، أن أواصل محبتي لك بعد وفاتك، وخاصة لأسرته الكريمة وأبنائك ومحبيك، فمن منا في هذه الدنيا لم يتجرّع مُر الفراق ويذوق ألم فقد عزيز لديه، وتعتصره العبرات، ويذرف الدموع على من يحب.
وعزاؤنا الوحيد أن نسترجع تلك اللحظات، وذكريات السفر الماضية معك، والعزيزة على نفسي يا صديقي الغالي، وأخي الفاضل، حيث انه كان من صفات الفقيد الدكتور محمد -رحمه الله- انه صديقا نصوحا، وصامتا قليل الكلام، ولا يرغب في حب الشهرة، ويتمتع المرحوم بسعة بال، وحسن الخلق فكان نعم الرجل، والقريب والصديق.
وكان الدكتور محمد المنيع مؤمناً بالكفاءات الوطنية، وأن ليس للبلد إلا أبناؤه، وعلى المسؤول ألا يتوانى عن تقديم الخدمة لمواطنيه، وألا يغضب منهم، حتى وإن أزعجوه بمطالبهم، لا بل كان يرى ذلك جزءاً من مهمة وطنية يؤديها بكل حب، وإضافة لجوانب شخصية أخرى أضفت على حسه الإداري في الجامعة طابعاً خاصاً.
فظهرت إبداعاته الإدارية خلال عمله في جامعة الملك سعود، وكان الدكتور المنيع بشوشاً، ولطيفاً حتى ساعات غضبه، وكان كارهاً للبيروقراطية ولم يشيح بوجهه عن طالب خدمة، وكانت خدماته لصالح الجميع، وخاصة عندما كان يشرف على تعليم الطلاب في الجامعة، وكان قائداً مبدعاً في عمله، ويكرس جهده لخدمة بلده، ومواطنيه.
لقد كان محباً للخير وباذلاً له دون منّ أو ترفع، وصاحب فضل على كثير من أبناء، وبنات الوطن في تأهيلهم بالشهادات العلمية، وهو يعلم بأن عمله في الجامعة لأجل خدمة الوطن، والمواطن على اختلاف مكانتهم، ولهذا كان يوم وداعه مشهوداً له، فقد غص جامع البابطين بالناس، والمحبين من مسؤولين، ومواطنين، ولكن عزاءنا فيه ما تركه من ذكر حسن، وسمعة طيبة غفر الله له ورحمه.
اللهم اغفر لأخي الفاضل الدكتور محمد المنيع، وارحمه رحمة واسعة، واسكنه فسيح جناتك، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب، والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، والهم أسرته الكريمة الصبر والسلوان، وأحسن الله عزائنا جميعا في وفاة الأخ الفاضل الدكتور محمد، وجبر الله مصابنا جميعا، وأخص بالعزاء أسرته الكريمة، وأبنائه وبناته، واخوانه وأخواته، وأقاربه ومحبيه.
أحمد بن عبد الرحمن الجبير
مستشار مالي
وعضو جمعيه الاقتصاد والصحافة وكتاب الرأي السعودية