مقال للكاتب والخبير الاقتصادي أحمد بن عبدالرحمن الجبير بعنوان ((التحايل الإلكتروني والغش التجاري))

هناك حضور كبير للتجارة الإلكترونية في المملكة، وأخذت مساحة كبيرة في التعاملات التجارية والاستثمارية، والاقتصادية في بلادنا، وبدأت الشركات تختصر علاقاتها مع الجمهور عبر تقنية الإنترنت، وفتحت نوافذ، وأبوابًا كثيرة للتجارة الإلكترونية في المجتمع السعودي، وأصبحت شركات التسويق تولي هذا القطاع اهتمامًا كبيرا.

فنظام التجارة الإلكترونية أصبح أساسيًّا في المملكة، في ظل تنامي الأسواق التجارية المحلية والدولية في المنتجات، والسلع والخدمات، وأصبحت ميزة اقتصادية لسوق استهلاكية كبيرة في الوطن، وتعزز الثقة في التعاملات التجارية، والإلكترونية في المملكة، وتحمي المستهلكين، وتحفظ حقوقهم، وتدعم الاقتصاد الوطني في ظل التحوّل الاقتصادي، والرؤية السعودية 2030م.

ولكن أصبح هناك تحايل في بعض المواقع الإلكترونية، والتي تروّج لسلع غير معتمدة، ومغشوشة، والمسؤولية تقع على عاتق المستهلك؛ لأن من واجبه التحري، والتأكد من صلاحية، واعتماد المواقع الإلكترونية؛ حتى لا يقع في حالات الاحتيال والغش، ولذا يفترض من جميع المستهلكين التعامل مع تاجر معتمد، وحماية نفسه من المواقع المشبوهة.

فعمليات الغش التجاري، والتحايل الإلكتروني من أخطر أنواع الجرائم، وهناك عقوبات عديدة، ورادعة لهم، ومع ذلك ما زالت الجرائم مستمرة، ولا يوجد تراجع في هذا الجانب للأسف الشديد، والسؤال ما السبب يا ترى في بقاء هذا النمط من أنواع الاحتيال الإلكتروني، والغش التجاري، والذي راح ضحيته العديد من المواطنين والمقيمين، خاصة الأدوية والأغذية المنتهية الصلاحية.

وهناك العديد من أنواع التحايل الإلكتروني، والغش التجاري في بعض مواقع التجارة الإلكترونية، مثل المزادات على الإنترنت، وشراء المنتجات والسلع، وتذاكر الطيران، وحجز الفنادق، وأيضًا الخدمات المصرفية، ولا يوجد عليها تكاليف كاستئجار مقار أو مكاتب، أو مستودعات، وليس هناك رواتب عمال، ومصاريف كهرباء وماء وصيانة، والذي يحفز على التحايل.

فلتنظيم قطاع التجارة الإلكترونية، ومنع التحايل الإلكتروني، والغش التجاري يفترض التعامل مع أفراد وشركات معتمدة، والتأكد من توافر التراخيص، والمواقع الإلكترونية الصحيحة، وتوفير الحماية اللازمة لهم من الاحتيالات، بما يحفظ حقوق التاجر والمتسوق، ويلزم موفري الخدمة بالإفصاح عن بياناتهم التجارية، وذلك لمنع التحايل، والغش والتدليس والخداع.

فكل شخص وصاحب عمل مسؤول عن اكتشاف الاحتيال عبر الإنترنت، ومنعه من التعامل، ومنع سرقة البيانات الشخصية، وتنزيل التحديثات الآمنة، وتثبيتها بموقع الويب، والتطبيقات الخاصة شخصيا أو بالنشاط التجاري، وتثقيف الموظفين في الشركة عن الاحتيال الإلكتروني، ومراقبة علامات الاحتيال والتي تعتبر واحدة من أكثر علامات التحذير.

ويجب الالتزام بالقواعد اللازمة لتنظيم أسواق التجارة الإلكترونية، وحماية التعاملات بها، وتوثيق المتاجر والمنصات الإلكترونية التي تؤدي إلى تسهيل العلاقة بين موفر الخدمة، والعميل المستهلك، ويجب أن يعاقب كل محتال، ومَن يخالف الأحكام واللوائح المنظمة بالإنذار، والغرامة المالية، وإيقاف نشاطه التجاري، والتنسيق مع الجهة المختصة بخصوص ذلك.

عليه، نقترح إنشاء دائرة خاصة تسمى (دائرة أمن التجارة الإلكترونية)، تتبع للجهاز الأمني، ومهمتها الرئيسة حماية الاقتصاد الوطني من التحايل الإلكتروني، والغش التجاري، والمساهمة في محاربة الغش التجاري، ومعاقبة التجار المتورطين، والتشهير بأسمائهم في وسائل الإعلام، وتطبيق غرامات صارمة عليهم، خاصة مَن يبيع الأدوية والأغذية المنتهية الصلاحية.

كما أننا نناشد الجهات المختصة، الوقوف بقوة ضد التحايل الإلكتروني، والغش التجاري، الذي يسيء لاقتصادنا الوطني، وتوجيه الجهات المعنية مثل وزارة التجارة من خلال حماية المستهلك بتشديد الرقابة عليهم، ووزارة الإعلام، وجميع الصحف المحلية، ووسائل الإعلام المرئية، والمسموعة لمحاربة هذه الظاهرة، وتوعية المواطن، وتوعيته عن الاحتيال، والغش التجاري.

زر الذهاب إلى الأعلى