أخر الأخبار

نداء عاجل يكشف حجم المأساة .. الوضع الإنساني أصبح كارثيا في السودان

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، إن “الوضع الإنساني” في السودان أصبح كارثيا، في وقت دخلت المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” يومها الثالث، وأسقطت نحو مئة قتيل مدني و”العشرات” في صفوف المدنيين.

وندد الأمين العام للأمم المتحدة بشدة بتفجر القتال في السودان وناشد قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وقف الأعمال العدائية على الفور واستعادة الهدوء وبدء حوار لحل الأزمة، وقال “كان الوضع الإنساني في السودان محفوفا بالمخاطر وهو الآن كارثي”.

اشتداد المعارك

وكانت الخرطوم استيقظت على يوم ثالث من القتال العنيف، حيث اشتد القصف على أجزاء من العاصمة، فيما تدخّل سلاح الجو بانتظام لقصف مقار لقوات الدعم السريع، القوة التي كانت معروفة بـ”الجنجويد” في عهد عمر البشير.

وتحدث مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي عن إطلاق نار كثيف وقصف مدفعي في أنحاء الخرطوم، ووردت أنباء عن إطلاق نار في مدينة أم درمان الواقعة على الضفة الأخرى لنهر النيل من الخرطوم.

وأثناء الليل، أبلغ السكان عن دوي قصف مدفعي وهدير طائرات حربية في منطقة كافوري في بحري، التي توجد بها قاعدة لقوات الدعم السريع وتجاور الخرطوم أيضا.

واندلع القتال، السبت، في أعقاب اشتداد الخلاف بشأن دمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش. وتسبب الخلاف بشأن الجدول الزمني لعملية الدمج في تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع القوى المدنية حول الانتقال إلى الديمقراطية بعد انقلاب عسكري عام 2021.

وأمس الأحد، بدا أن الجيش كان له اليد العليا في القتال في الخرطوم باعتماده على الضربات الجوية لقصف قواعد قوات الدعم السريع.

ويقول شهود وسكان إن انتشار الآلاف من أفراد قوات الدعم السريع المدججين بالسلاح داخل أحياء الخرطوم ومدن أخرى يمثل مشكلة كبيرة.

مقتل 97 مدنيا.. وضحايا المقاتلين بالعشرات

وأعلنت نقابة أطباء السودان المستقلة والمؤيدة للديمقراطية، الاثنين، مقتل ما لا يقلّ عن 97 مدنيا، سقط 56 منهم السبت و41 الأحد، ونصف القتلى تقريبا في العاصمة السودانية، في حين بلغ عدد الجرحى “365 شخصا”.

وفي حين لم ترد أنباء رسمية عن عدد القتلى من المقاتلين، سبق لنقالة الأطباء أن أشارت إلى أن حصيلة القتلى في صفوف المقاتلين تعدّ بـ “العشرات”، لكنّ أيا من الطرفين لم يعلن عن خسائره البشرية.

كما أظهرت لقطات نشرت على الإنترنت، اليوم الاثنين، جثث عشرات الرجال في أزياء مموهة ممددة على أسرة وأرضية جناح طبي وفي منطقة رملية في الهواء الطلق.

القطاع الصحي في أزمة

وأثارت المعارك المستمرة سلسلة أزمات في القطاع الصحي، إذ أفاد أطباء بانقطاع التيار عن أقسام الجراحة، في وقت قالت منظمة الصحة العالمية إن “عددا من مستشفيات الخرطوم التسعة التي تستقبل المدنيين المصابين، تعاني من نفاد وحدات الدم ومعدات نقل الدم وسوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات الحيوية”.

وقالت نقابة أطباء السودان إن المرضى وبينهم أطفال وأقاربهم لا يحصلون على المياه أو الأغذية، مشيرة إلى أنه لا يمكن إخراج الجرحى الذين عولجوا من المستشفى بسبب الوضع الأمني، ما يؤدي إلى اكتظاظ يعيق تقديم العناية للجميع.

وعجزت “الممرات الإنسانية” التي أعلنها الطرفان المتحاربان لمدة ثلاث ساعات بعد ظهر الأحد عن تغيير الوضع، فاستمر سماع إطلاق النار ودوي انفجارات في الخرطوم.

وأعرب موفد الأمم المتحدة إلى السودان، فولكر بيرتيس، الاثنين، عن “خيبة أمله الشديدة” من انتهاكات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للهدنة الإنسانية التي كانا وافقا عليها.

وقال في بيان “وقف الأعمال العدائية لأغراض إنسانية الذي التزم به الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لم يتم الوفاء به إلا جزئيا أمس (الأحد). كما أن الاشتباكات اشتدت صباح اليوم (الاثنين)”.

نداء عاجل لنقابة أطباء السودان

والاثنين، قالت نقابة الأطباء: “ناشدنا قبلا أطراف النزاع بعدم التعرض للمرافق الصحية، ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماما”، حيث “تعرضت المستشفيات والمؤسسات الصحية بالخرطوم ومدن السودان إلى القصف بالمدافع والأسلحة النارية”.

وأضاف بيان النقابة أن “الاشتباكات والقصف المتبادل بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع” أسفر عن “أضرار بالغة بمستشفى الشعب التعليمي ومستشفى ابن سينا التخصصي ومستشفى بشاير..”.

وتسبب “القصف بخروج مستشفيات الشعب التعليمي والخرطوم التعليمي عن الخدمة تماما، وفي حالة من الإرباك والخوف للكادر الطبي والمرضى والأطفال ومرافقيهم”.

وأكدت النقابة أن ذلك “يعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي الإنساني والمواثيق التي تنص على حماية المؤسسات الصحية وتحييدها من الاستهداف”، وفق البيان الذي عدد المستشفيات التي أغلقت أو خرجت من الخدمة:

  • مستشفى الشرطة خارج الخدمة تماما.
  • مستشفى الشعب التعليمي خارج الخدمة.
  • مستشفى الخرطوم التعليمي الخرطوم التعليمي
  • مستشفى الضمان بمدينة الأبيض تم إغلاقه.
  • المستشفى الدولي بمدينة بحري يعاني من انقطاع الكهرباء وشارف وقود مولدات الكهرباء على النفاذ مما يعرض حياة المرضى بالعناية المكثفة والعمليات الجراحية للموت.

وطالبت النقابة المجتمع الدولي بإلزام طرفي النزاع بعدم المساس بالمرافق الصحية وفتح ممرات آمنة والسماح بمرور سيارات الإسعاف، مكررة مناشدة المنظمات الإنسانية “لمد يد العون والتحرك العاجل من أجل المساعدة في اجلاء الجرحى و توفير المحاليل الوريدية و أكياس الدم و المعينات الطبية”.

تعليق عمل برنامج الأغذية العالمي

وقرّر برنامج الأغذية العالمي تعليق عمله في السودان بعد مقتل ثلاثة عاملين في البرنامج في إقليم دارفور بغرب السودان، السبت، فيما يحتاج أكثر من ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليونا إلى مساعدة إنسانية.

وقالت خلود خير التي أسست مركز الأبحاث “كونفلوينس أدفايزوري” في الخرطوم لوكالة فرانس برس “إنها المرة الأولى في تاريخ السودان منذ الاستقلال (1956) التي يسجل فيها هذا المستوى من العنف في الوسط، في الخرطوم”.

وأضافت الخبيرة “تشكّل الخرطوم مركز السلطة التاريخي ولطالما كانت أكثر مناطق السودان أمنا خلال الحروب ضد المتمردين” في دارفور ومناطق أخرى في مطلع الألفية.

وتابعت “اليوم المعارك تدور في أنحاء المدينة”، وفي مناطق ذات كثافة سكانية، “لأن كلا من الطرفين ظنّ أن الكلفة البشرية المرتفعة قد تردع الطرف الآخر. ندرك الآن أن الغلبة كانت للنزاع على السلطة بأي ثمن”.

ضبابية على الأرض

ويصعب تشخيص الوضع على الأرض. فقد أعلنت قوات الدعم السريع أنها سيطرت على المطار السبت، الأمر الذي نفاه الجيش. وقالت إنها دخلت القصر الرئاسي، لكن الجيش ينفي ذلك أيضا ويؤكد أنه يسيطر على المقر العام لقيادته العامة، أحد أكبر مجمعات السلطة في الخرطوم.

أما التلفزيون الرسمي فيؤكد كل من الطرفين السيطرة عليه. لكن سكانا في محيط مقر التلفزيون يؤكدون أن القتال متواصل في المنطقة، فيما تكتفي المحطة ببث الأغاني الوطنية على غرار ما حصل خلال انقلاب 2021.

كما امتد القتال إلى منطقة دارفور الغربية التي دمرتها الحرب ومناطق شمالي وشرقي السودان قرب الحدود مع مصر وإثيوبيا.

مواقف دولية

وتكثفت الدعوات منذ السبت للتوصل إلى وقف القتال، فدعا وزيرا خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا من اليابان، الاثنين، إلى “وقف فوري” للعنف.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بعد اجتماع مع نظيره البريطاني، جيمس كليفرلي، إن هناك اتفاقا على الحاجة إلى “وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى المحادثات”.

وعقدت جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي اجتماعات طارئة للمطالبة بوقف إطلاق النار والعودة إلى الحل السياسي.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في السودان إن البرهان وحميدتي وافقا على اقتراحها بوقف القتال لمدة ثلاث ساعات أمس الأحد من الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي (1400 إلى 1700 بتوقيت جرينتش) للسماح بعمليات الإجلاء الإنسانية، لكن لم يتلزم الطرفان بالاتفاق بقدر كبير بعد فترة وجيزة من الهدوء النسبي.

وقالت القوات المسلحة إنها لن تتفاوض مع قوات الدعم السريع ما لم ينفذ قرار حلها، ووصف حميدتي يوم السبت البرهان بأنه “مجرم وكاذب”.

وكثف جيران السودان والجهات الدولية، الأحد، جهودهم الرامية إلى إنهاء العنف الذي اندلع في شهر رمضان. وعرضت مصر الوساطة، وقال مكتب الرئيس الكيني وليام روتو، على تويتر، إن منظمة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) الأفريقية تخطط لإيفاد رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي إلى السودان في أقرب وقت ممكن للتوسط بين الطرفين المتناحرين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى