أخر الأخبار

حرب البيانات المتضاربة.. سلاح جديد لمحاولة حسم الصراع في السودان

خلال الأيام الماضية نشر أطراف الصراع في السودان معلومات متباينة وبيانات متضاربة، حول السيطرة العسكرية على مناطق وقواعد واستسلام بعض القادة والجنود من كل جانب وانضمامهم للطرف الأخر، وهو ما يكشف خبراء استراتيجين أسبابه وتداعياته وتأثيره على مسار المعارك بين الجانبين.

حرب بيانات؟

منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، السبت، تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن بدء إطلاق النار، وأدعى كل طرف سيطرته على المطار ومنشآت حيوية أخرى في الخرطوم ومدن أخرى.

والاثنين، أعلنت قوات الدعم السريع تحقيق عدة مكاسب خلال المعارك التي خاضتها يومي السبت والأحد، ومنها “بسط السيطرة الكاملة على مطار مروي” واقتحام منزل  القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان”.

وأشارت في بيانات ومقاطع فيديو إلى أنها بسطت السيطرة الكاملة على القصر الجمهوري ومحيطه”، وهو ما نفاه الجيش السوداني.

وبعد فيديوهات وبيانات الدعم السريع، قال الجيش السوداني إن الموقف العملياتي حتى الآن بالعاصمة يتضمن اشتباكات محدودة حول محيط القيادة العامة ووسط الخرطوم .

وأكد أن القوات المسلحة تسيطر تماما على جميع مقراتها، نافيا صحة لما يتم تداوله بشأن استيلاء قوات الدعم السريع على القيادة أو بيت الضيافة أو القصر الجمهوري.

وفي بيانات متتالية، زعمت قوات الدعم السريع كذلك فرض سيطرتها على مقر القوات البرية، والاستيلاء على برج وزارة الدفاع، وتحرير رئاسات الفرق العسكرية بولايات دارفور والاستيلاء على عتادها وآلياتها العسكرية، والاستيلاء على أكثر من مائتي دبابة، واسقاط ثلاث طائرات مقاتلة تابعة للجيش السوداني”.

وتحدثت كذلك عن “أسر وانضمام العشرات من ضباط وجنود الجيش السوداني لصفوفها”.

وعلى جانب آخر، أعلن الجيش السوداني، الأحد، استعادة السيطرة على مطار مروي، واغتنام عدد كبير من الأسلحة والمعدات والمؤن التابعة لقوات الدعم السريع.

وأكد سيطرته على “قيادة قطاع كردفان، ومعسكر الري المصري بالشجرة”، واستقبال عدد كبير من جنود الدعم السريع “الذين استسلموا”.

وبعد ظهر الأحد، انقطع بث التلفزيون السوداني الرسمي، في خطوة قال موظفون إنها تهدف إلى “منع بث أي مواد دعائية” لقوات الدعم السريع.

وقال موظفون إعلاميون حكوميون إن السلطات قطعت إشارات البث بعد أن دخلت قوات الدعم السريع المبنى الرئيسي لإذاعة وتلفزيون السودان في أم درمان واستخدمت شبكات الإذاعة لبث مواد مؤيدة لها، وفقا لوكالة “رويترز”.

والسبت، قالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على التلفزيون الحكومي ومنشآت استراتيجية أخرى مع اندلاع القتال في أنحاء الخرطوم، وهي مزاعم نفاها الجيش.

وزعمت قوات الدعم السريع أنها سيطرت على القصر الرئاسي ومقر إقامة قائد الجيش ومطارات في الخرطوم ومدينة مروي في الشمال وفي الفاشر وولاية غرب دارفور، ونفى الجيش هذه التأكيدات أيضا.

حرب نفسية؟

تتضمن الحرب النفسية الاستخدام المخطط والمنظم للدعاية والتدابير الإعلامية المقاربة للتأثير على آراء وعواطف ومواقف وسلوك الطرف المعارض من أجل تحقيق أهداف السياسة القومية أو الأهداف العسكرية، وفقا لـ”مؤسسة راند“.

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، اللواء ركن أمين إسماعيل مجذوب، أن الطرفين يميلان لاستخدام “الحرب النفسية” في ظل “غياب المعلومات” وعدم وجود إمكانية لنقل الأحداث من مواقعها.

وفي حديثه يشير إلى “ضبابية المعلومات” في حالات حرب الشوارع والمدن، ما يمكن القوات المتقاتلة من بث البيانات التي تخدم مصالحها فقط، بهدف رفع الروح المعنوية لجنودها وخفض معنويات الطرف الأخر.

ويتفق معه المحلل العسكري والاستراتيجي، بابكر يوسف، الذي يعتبر أن المعلومات المتباينة والبيانات المتضاربة نوع من “التضليل” في إطار الحرب النفسية الحديثة والتي يستخدم خلالها مواقع التواصل الاجتماعي.

ويهدف ذلك لـ”رفع أو خفض” الروح المعنوية سواء للجنود أو المواطنين، وعدم معرفة “أين الحقيقة”

ويرى يوسف أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت “سلاحا ذو حدين” يمكن استخدامها لنشر الشائعات والمعلومات المضللة أو توضيح الحقائق والبيانات الموثوقة.

ما تأثير ذلك؟

إذا تم كشف الشائعات بواسطة نشر الحقائق يكون تأثيرها “معدوم أو ضعيف”، لكن في حال عدم اتخاذ “عمل مضاد” يكون للحرب النفسية تأثير كبير، وفقا لحديث اللواء مجذوب.

ويشير لتأثير كبير لـ”شائعات انضمام قادة أو جنوب” لصفوف الطرف الأخر على معنويات القوات، ما يؤثر بالتبعية على مسار المعارك.

ويؤكد أن تلك المعلومات المتضاربة تؤثر كذلك على المدنيين بشكل أكبر من العسكريين.

وينتظر المواطنون انتهاء المعارك وانجلاء الأزمة لعودة الكهرباء والمياه وإمكانية التزود بالمواد الأساسية، وعند الحديث عن احتلال مناطق أو وقوع اشتباكات في أخري، يمكن أن يرتحلوا من مكان لآخر أمن، ما يجعل التأثير السلبي كبيرا جدا عليهم، حسب حديثه.

من جانبه يشدد يوسف على أهمية “عدم تصديق” كل البيانات التي يتم بثها عبر طرفي الصراع.

ويقول “العقل يميز، وعند صدور بيان يجب التفكير في فحواه، والنظر لمدى قوة كل طرف من حيث العتاد والتسليح والتدريب، قبل تصديق أو تكذيب البيان الصادر عنه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
View more on Snapchat