سلطنة عمان ـ زبيده حمادنه
أضافت سلطنة عمان، خلال الشهر الماضي، إلى معالمها الثقافية والسياحية، نافذة جديدة يمكن من خلالها الإبحار في تاريخها المديد، وكيف أثّر تفاعل العمانيين مع أرضهم في تشكيل الأحداث التاريخية والعادات والثقافة منذ أواخر عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا الحاضر.
يأخذ متحف عُمان عبر الزمان، بولاية منح بمحافظة الداخلية، زائره في رحلة بين ماضي وحاضر ومستقبل سلطنة عُمان، باستخدام التقنيات الأحدث.
قاعتان ثريتان
يتكون المتحف من قاعتين ثريّتين بمحتواهما ومقتنياتهما، هما: قاعة التاريخ وقاعة عصر النهضة، وفي الخطوات الأولى داخل متحف عُمان عبر الزمان تبدأ الرحلة بين جغرافيا سلطنة عمان وتاريخها بشكل تفاعلي وباستخدامِ الوسائل التقنية الحديثة، إضافة إلى المقتنيات الثرية التي يستعرضها بين جنباته.
أما القاعة الأولى، وهي قاعة «التاريخ» فتحوي من الأجنحة ما يلقي نظرة على فصول ماضي سلطنة عمان، ومنها جناح أرض عُمان وجناح المستوطنين الأوائل وحضارة عُمان ومملكة عُمان والتراث البحري والأفلاج واعتناق الإسلام ودولة اليعاربة ودولة البوسعيديين.
يستمتع زائر المتحف بمعايشة عصور تاريخ سلطنة عمان عبر المسار الزمني للعرض، والوسائل الرقمية لإيجاد بيئات افتراضية متعددة الأبعاد، فضلًا عن مجموعة منتقاة من الشواهد المادية والخرائط.
تحتوي أجنحة العصور مقتنيات تتناول مواقع الأثرية منها مستوطنات رأس الحمراء ورأس الجنز ومظاهر الحياة اليومية آنذاك، وما يتصل بالهجرات الموسمية، والتواصل البحري، وتجارة النحاس، وبناء منظومة الأفلاج، كما تحتوي على بيئة افتراضية فائقة الدقة تتحدث عن إسهام أهل عُمان في الإسلام، ومناحي الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بذلك، والإسهام العلمي للعلماء العُمانيين.
ومن خلال عرض صوتي ومرئي فائق الدقة، تستعرض قاعة التاريخ حقبة دولة اليعاربة، بالإضافة إلى خرائط افتراضية وحقبة دولة البوسعيديين بدءًا من فترة تأسيس الدولة مرورًا بفترة الإمبراطورية العُمانية، وانقسام الحكم بين مسقط وزنجبار، وصولًا إلى فترة الطريق إلى النهضة، مع التركيز على إنجازات فترة حكم الأئمة والسلاطين من أسرة البوسعيد.
عصر النهضة
ومن خلال استعراض أجنحة قاعة عصر النهضة المباركة، يمكن الإلمام بما فيها من مواد أساسية لاستعراض حاضر سلطة عمان، فهي تتكون من جناح فجر النهضة، وجناح بناء الوطن وجناح «مجتمعنا»، والبيئة الصحية، والأمن والاستقرار، ونحو اقتصاد مستدام، والبنية الأساسية والنقل، والشورى، وعُمان والعالم، والتعبير الإبداعي، وعُمان والاتصالات، والإلهام، وتتمتع القاعة بمنظومة عرض صوتي ومرئي فائقة الدقة تتناول الأعوام الخمسة الأولى من عمر النهضة المباركة، وتتيح مشهدًا بانوراميًّا للقاعة.
تحتوي القاعة، كذلك، على وسائل متحفية رقميّة تفاعليّة تستعرض الخطابات السّامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، والخطابات السّامية للمغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد، طيّب الله ثراه.
الطبيعة
يحتوي المتحف على بعض معالم التاريخ الطبيعي لسلطنة عمان، إذ يضم فك حيوان عمانثيريوم الذي يعود إلى نوع من الفيلة البدائية الضخمة التي عاشت على أرض عُمان قبل حوالي 35 مليون سنة وعُثر عليه في محافظة ظفار، وثلاثيات الفصوص وهي عبارة عن حجر عثر عليه في ولاية محوت بمحافظة الوسطى، ويعود إلى قبل حوالي 250 مليون سنة إلى 500 مليون سنة، إضافة إلى النقش على الصخور التي اكتشفت في ولاية مدحا بمحافظة مسندم.
شُكلت هذه النقوش باستخدام أحجار أخرى، وتتنوع بين أشكال بشرية وحيوانية، ومبخرة نذرية مزينة برسوم حيوانات يعود تاريخها إلى ما بين 100 و200م، وتستخدم في حرق اللبان عند تقديم النذور، وبها شكل أسد ووعل، ودواة الإمام مهنا بن سلطان التي تعود إلى الفترة 1131هـ / 1719م، وهي من صُنع عامر البهلاوي من ولاية بهلا.
كما يحتوي المتحف على سفينة مجان وهي إعادة تصور لسفن حضارة مجان، صُنعت من حزم القصب، وحبال ألياف النخيل، والحصير المنسوج، وشراع من الصوف، وطُليت بمادة القار الأسود.
إمكانيات متقدمة
يوفر المتحف لزائريه إمكانية استكشاف المحتوى باللغتين العربية والإنجليزية في آنٍ واحد من خلال استخدام سماعات الرأس المتوافقة مع عرض الأفلام وجميع الإنتاجات الفنية وبشكل فوري، ما يوفر الوقت والجهد للزائر إضافة إلى استخدام تقنية الواقع الافتراضي، ففي جناح «المستوطنون الأوائل» ضمن قاعة التاريخ يقوم الزائر بتحريك الشاشة فوق أجزاء من المتحف لرؤية المستوطنين الأوائل في رأس الحمراء، ونمط حياتهم، كما تم استخدام تقنية الشاشة المنحنية بزاوية 360 درجة تمكّن الزائر من الاستدارة حول نفسه أمامها لمشاهدة فيلم عن عصر اليعاربة.
يحتوي المتحف على متجر للهدايا، يقدم مجموعة كبيرة من الهدايا الحصرية ذات التصاميم الجذابة، والعديد منها مُستلهم من تاريخ سلطنة عُمـان وتراثها وثقافتها.
يقع المتحف على 300 ألف متر مربع، ومساحة بناء تزيد على 66 ألف متر مربع، على شكل جبال الحجر ليُضفي إبداعًا معماريًّا يمثّل البيئة العُمانية بتفاصيلها الجغرافية الفريدة.
صُمم المتحف وفق نظام مأخوذ من فكرة القلاع والمباني القديمة مع وجود الجدران التي تجعل الهواء الساخن المارَّ باردًا، ويتميّز بالواجهات الزجاجية التي تتراوح ارتفاعاتها بين 9 و16 مترًا وتصل إلى 25 مترًا لتوضيح الرؤية.