الرياضة

جماهيرية الإبل علاقة تتجاوز الأيقونة التراثية إلى التأثير اللغوي المعاصر

تستثير أشواط منافسات مهرجان جائزة الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الخامسة، مشاعر الجماهير التي تحرص على الحضور لمدرجاته منذ ساعات الصباح الباكر، رغم انخفاض درجات الحرارة، وفيما يُفاجأ العديد من الزوَّار من تلك العلاقة، تثبت الأبحاث اللغوية الحديثة أنَّ علاقة إنسان الجزيرة العربية بالإبل لا تتوقف على كونها أيقونة تراثية، بل تتجاوز حضورها إلى التأثير على لغة ومشاعر العربي منذ القِدَم حتى عصرنا الحاضر.
وتربط الأبحاث انتقال مفردات كـ”الحنين، والخجل، والأناقة، والسوق، والقطار” من أصولها القديمة المتعلقة بالإبل، إلى مدلولات حديثة، كما يوثِّق الباحث الدكتور عبدالرزاق فراج الصاعدي تطوُّر دلالات أربعين لفظًا كانت تستخدم للإبل، وارتقت إلى دلالات معنوية أرحب في بحثه الصادر ضمن مجلة الدارة، مبينًا أنَّ معانيها ارتقت في سلَّم الفكر والحضارة، فابتعدت كثيرًا عن أصولها القديمة التي تتصل بالإبل، بسبب وثيق عن طريق اللفظ كأسمائها، وأسماء أعضائها، وصفاتها، وسماتها، وأصواتها، ومأكلها، ومشربها، وأمراضها، وأدواتها، مثبتًا ذلك من خلال دراسة لغوية معجمية دلالية بمنهج تاريخي يعيدها إلى أصولها الحيوانية القديمة.
وذكر الصاعدي أنَّ من الألفاظ المتطوِّرة دلاليًّا كلمات: “الحنين” بمعنى الشوق وتوقان النفس، وأصلها ترجيع الناقة صوتها إلى ولدها، أو اشتياقها لوطنها، وكذلك “الخجل” بمعنى الاستحياء وهو مشتق من خجِل البعير إذا سار في الطين فبقي كالمتحير.
ويرى أنَّ إطلاق “السُّوق” على مكان البيع والشراء، يرجع إلى أصل الموضع الذي تُساق إليه الإبل للبيع، وأنَّ كلمة “القطار” أصلها شد الإبل على نسق واحد خلف واحد، ومنه قالوا: جاءت الإبل قطارًا، أي مقطورة.
وكذلك “الأناقة” من تنوَّق في الأمر إذا بالغ فيه، وكأنَّ تنوَّق مقيس على اسم الناقة، وهي عندهم من أحسن أموالهم على حسب تعبيره، كما أنَّ قولهم “عشوائي” يعود إلى الناقة العشواء التي لا تبصر ما أمامها، فهي تخبط بيديها كل ما تمر به “خبط عشواء”. أمَّا قولهم “فلان عاقل” بمعنى الحجر والنهي، يرتبط بقولهم عقلت البعير أعقله عقلاً، ثم استُعير لعقل الإنسان حين يرده عن هواه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى