فترة الأكذوبة

إلى جميع النساء المغدورات على أيدي من لا يعرفون الله ، رحِم الله أرواحكم الطاهرة ، وأحرق الله من سلبكم إياها.
أحببتُ أن أبدأ مقالي هذا بالدعاء لهن ، وبالدعاء على من تعدى على أرواحهن ، لأنني ضِقتُ ذرعًا من أخبار مصرع النساء التي “تتابع كتتابع حبات الخرز في النظام” .
لذا خبر مقتل روان الغامدي لم يكن صادمًا بحد ذاته، ولكن طريقة موتها التي من المُريع تَخيلها هو ما أغضب العامة خاصة وأنها غادرتنا وهي عروس .
أكثر ما أثارني هو ذهاب بعض من هم قصيري النظر
بالقول أنه ماعاد ثمة أُسر ترمي ببناتها لأي خاطب، وبأنه من المحال أن لا تميز الفتاة المدمن من غيره أثناء( الشوفة الشرعية ) وكأن هذه الدقائق المعدودة كفيلة بجعلك سَبر غور دواخل ونوايا شخص ما ، أو بتشخيص حالته العقلية والنفسية التي قد يُجيد التحكم بها لمدة زمنية قصيرة ، و إخفائها بدعم من الأهل الذين يخفون ويزينون ما يمكن إخفاءه وتزيينه للمتقدم لها، ولو كان ممكنًا لما سمعنا بفتيات مطلقات اكتشفن أنهن كن متزوجات من مدمنين ومن مرضى عقليين ، ومن رجال مُشخصين بأمراض لم يشفوا منها بعد.
(الشوفة الشرعية) وفترة الخطوبة هي الفترة التي يقوم بها كل من الفتاة والشاب بارتداء أقنعتهم المثالية، حيث يُظهِر كل منهما أفضل ما عنده خلالها ، فيعتقد كل منهما أن ما يتعمد إظهاره الأخر هي حقيقته ، وإلى حين فترة الزواج تسقط الأقنعة وتُكشف طباع وسلوكيات لم تكن لتظهر إلا بعد فترة طويلة وتبدأ سلسلة (هو لم يكن هكذا وهي لم تكن كذلك ! ) والتي غالبًا ما تُختم بالانفصال ، وفي أسوأ الحالات تنتهي بخبر تعنيف الزوجة أو بمقتلها .
اللوم كله يقع على القاتل وأسرته وأسرة المقتولة ، فكم من أسرة سلمت بناتها لرجال لا يتحرون عنهم بجدية وكأنهم يتركون أمرهم للحظ ، وإذا ما شكت ابنتهم حالها معه يدعونها بالمتوهمة، ثم يوصونها بالصبر ففي النهاية هو زوجها !
فكوننا محظوظين بالعيش وسط محيط متحضر وأسرة تتيح لنا حرية الاختيار ولا تمارس الإكراه لا يعني أنه في أحد الأحياء وخلف جدران البيوت التي نعبر أمامها بسياراتنا أسرة يعاني أفرادها بصمت إما
سلطة قهرية أبوية تضغط على الأسرة كلها ، أو سلطة ذكورية تُمَارس فقط على نساء المسكن .
فمن اللاعقلانيةِ إنكار وجود شيء فقط لأنك لم تراه أو لأنه لم يحصل معك .
بصرف النظر عن حقيقة أن الإدمان قد لا يجعل منك قاتلًا بالضرورة وأن قاتل روان مجرم بالفطرة وما الإدمان إلا أداة جعلته يمارس فطرته دون تحرز، أما دون التعاطي فهو شخص ذو نزعة إجرامية كان التعاطي محفزًا لذبذبة هذه النزعة ثم خروجها . ومهما تعددت الروايات يبقى القاتلُ قاتلًا في نظرة الشرع و القانون، ولا يُريح أسرة المغدورة والرأي العام وروان في لَحدها إلا قص رقبة من هشم رأسها التي كان من المفترض أن تُقبل كل يوم في الأسابيع الأولى من زواجها، لا أن تهشم بالحجارة التي تشابه بقسوتها وانعدام ضميرها  قلب والدة القاتل ، ولن يحول بين تحقيق هذه العقوبة المنصفة شيء بإذنه تعالى طالما أننا تحت نظام يحكم بشرع الله .

زر الذهاب إلى الأعلى