مقال بقلم أ. مشاعل الجميل بعنوان (متى يقف ذلك السيل)

لازال المؤرخون في كل مجتمع يحظون بمكانة عظيمة كونهم ينقلون لنا قيما تاريخية ثمينة ، وحياة مجتمعية كريمة، وحضارة قوية عريقة، وفكر وضاء، وحكم وقصص الأجداد والأدباء، وتظل العملية الفكرية هي من ترفع أقواما وتجعلهم في أعلى المراتب منذ عهد الأنبياء كحادثة دفن الغراب وحقيقة الألوهية وبناء الكعبة لإبراهيم عليه السلام وغيرها. وإلى مدى طويل وبفضل من الله أولا ثم بفضل هؤلاء المفكرين لما وصلنا إلى ما نحن عليه، ولذا ما يميز الفكر هو ما يستمده من مصادر وتربية وتعليم وهذا ما نعاني منه الآن.

استحواذ السوشل ميديا على أكثر أفراد المجتمعات أضاعت المصادر المغذية للعقول وجعل لهؤلاء عهد مختلف وحقبة زمنية قديمة، وكأنه بنظرتهم هو التغيير للتطوير، وأخرج لنا هذا السيل مؤثرين بمحتوى إيجابي هادف والحمد لله، ومنهم على غير ذلك وهذا ما أريد أن أتحدث عنه. نعم لا نختلف أن الإنسان بطبيعته يميل للأشياء المبهرة والجديدة التي تشبع رغباته وتجعله يستمتع في كل لحظة، ولكن هذا شكّل ثغرة تتفاقم خطورتها يوما بعد يوم لدرجة وصلت لانحطاط القيم والضرب بالعادات والدين وحقوق الإنسان والطفل، وأكثر المثقفين والمربين مستاؤون من هذا الأمر.
إنّ تصدّر هؤلاء السفهاء عند أغلب الأطفال والمراهقين لا شك هو استخفاف بالعقول البشرية ومخالف لما يقدم في المدارس والجامعات والمراكز والمؤسسات المجتمعية وهدم لبناء الأسر والعلاقات، فأي رقي وحضارة يأتي من هؤلاء، ونحن دولة متقدمة في كل شي ولازالت تحقق المراتب المشرفة في كافة الجوانب ، ومن يقف على القضايا التي تدخلت الدولة في معالجتها لإيقاف هؤلاء السفهاء لوجدنا أنها اتخذت القرارات الحازمة نحوهم. ولكن ما نطالبه اليوم هو تشديد العقوبة عليهم بغض النظر عما إذا كانوا يعانون من اضطرابات نفسية أو أفكار منحرفة، فهم سموم معدية يظل محتواهم يتناقل ويتفاقم وينتج عنه خلط وغلط عند النقاد وبين من يتسلقون على ظهورهم ويستمر تلطخ سمومهم كحيوانات مفترسة تنهش في عقول وأجساد بريئة.

هذا النوع من المؤثرين سيل من غثاء لا يستحقون أن يرفع لهم اسم وراية، بل يخجل الشخص الواعي المدرك لآثار ما ينشرونه أن يذكر قبح ودناءة المحتوى والضحية من؟!… جيل نبني عليه آمالا لكنه مضطرب فقد البحث عن الهوية المتزنة.

زر الذهاب إلى الأعلى