لقد سمعنا عن رجل أعمال ألغى ديونًا على أبناء مدينته، ومؤكدًا أنه يتاجر مع الله، وضرب مثالاً رائعًا في محبة للناس، والتخفيف عنهم، ولا نزكي أنفسنا على أحد، وإذا قلنا أن رجال الخير في بلادنا كثر، وقصصهم الناجحة تستحق النشر، فهم يقدمون دروسًا في التكافل الإنساني، والإيماني وحب الخير للجميع.
فرمضان مناسبة عظيمة للعبادة، والتقرب إلى الله، والتراحم بين الناس، وفيه الكثير من معاني الترشيد، والاقتصاد في الطعام والشراب، وتحمل الجوع والعطش، وعدم الإسراف والتبذير، وتدريب النفس على حسن التعامل مع الآخرين، وتحقيق الترابط بين أبناء الوطن، ومساعدة المحتاجين والمساكين. لكن ارتفاع الأسعار في العشر الأواخر من رمضان، وقبل أيام العيد مؤلم جدًا، وللأسف أن بعض التجار يمارس جشعه دون رقابة، ويرفع الأسعار على المواطنين حتى أصبح ذوو الدخل المحدود غير قادرين على تحمل أية زيادات في الأسعار، والجهات المعنية لم تقم بدورها المطلوب، ومنع التجار من زيادة الأسعار على المواطنين.
فشراء المواد الغذائية، وملابس العيد تمثل عبئاً كبيرًا على رب الأسرة، وهناك فقراء، ومحتاجون لا يستطعون شراء حاجاتهم رغم الإسراف، والتبذير من بعض الأسر، مما دعا بعض التجار إلى رفع الأسعار، واحتكار السلع، ولا يعيرون أي اهتمام بمؤسسات الرقابة الرسمية، والمتابعة من حماية المستهلك، ووزارة التجارة. كما أن بعض التجار للأسف الشديد، تراهم يتكفلون بإطعام المحتاجين، والمساكين من الصائمين بوجبات يومية في كل مكان، ويذهبون إلى مكة والمدينة، ويحرصون على البقاء في الحرم المكي والمسجد النبوي، ولكنهم لا يتوانون في رفع الأسعار على المواطنين دون حسيب ورقيب، وخوف من الله.
لذا يفترض مراقبة الأسعار في جميع المراكز والمحلات، وخاصة أسعار الكماليات، والمواد الغذائية، ويجب على حماية المستهلك أن ترشد المستهلكين للمراكز التجارية الملتزمة بالأسعار المناسبة وتساعد المواطنين على الاستهلاك المناسب، والتشهير بالمراكز، والمحال التجارية غير الملتزمة بالأسعار المناسبة، ومقاطعتها.
ويجب على الجهات المعنية أن تضع حدًا مناسبًا للأسعار، والسيطرة على المراكز، ويكون هناك عقوبات، وغرامات على المخالفين من التجار، ومن المفترض أن يتعاون الجميع للإبلاغ عن أي مخالفات في رفع الأسعار، وعلى جمعية حماية المستهلك أن ترصد كل ما يتعلق بحماية المواطنين وتوعيتهم بأسعر السلع اليومية.
كما يجب علينا كمواطنين أن يكون لدينا حسن إدارة وترشيد، وأن نتحمل جزءاً من المسؤولية، فالديون تتضاعف علينا بسبب الإسراف والتبذير، ولن تجد جهة تمنحك قرضاً دون أن تمتلك القدرة على الوفاء، فالمواطن بوعيه، وترشيده قادر على ضبط الأسعار من خلال إحجامه عن الشراء والبحث عن بدائل أخرى. وعلى الجهات المعنية القيام بواجباتها، وسن المزيد من التشريعات، والقوانين التي تنهي غلاء الأسعار قبل العيد، ونأمل من وزارة الداخلية التدخل للحد من ارتفاع الأسعار استجابة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- للاهتمام بالمواطن، ومحاسبة المسؤول.
أحمد بن عبدالرحمن الجبير مستشار مالي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية