الولادة بداية الحياة والموت نهاية الحياة وخروج الروح وبداية الأُفول من الوجود الدنيوي وبين البداية السعيدة والنهاية المؤلمة ، هناك قصة تشبث الإنسان بالحياة ، قصة مليئة بالأحداث الحزينة والمفرحة والمبكية والصعوبات والإنجازات والنجاحات والخيبات والاِنكسارات ،وبقدر محبة الإنسان للبداية وبشارات المواليد بقدر فزعه وذعره من النهاية ، تلك هي النفس البشرية جُبِلَتْ وفُطِرَتْ على حب الحياة وحب البقاء وحب الدنيا وملذاتها ، والخوف من الموت غريزة وفطرة ربانية جُبل عليها الإنسان ، الكل يذكر الموت على استحياء فالموت الحقيقة الثابتة التي يتناساه الإنسان ، الموت هادم اللذات ومفرق الجماعات بهِ صمت يسود بعد صوت يجول و قلب توقف بعد نبض وجسد تصلب و برد بعد دفءٍ ونشاط يلفه كفن ويضمه التراب وروح تصعد إلى خالقها ، هكذا تبدأ مرحلة الخلود الأبدي، مابين مصيرين ثواب جنَّةٍ الكل له راغب وعقاب نارٍ الكل منه خائف ، لانعرف الكثير عن الموت فهو سر من أسرار الله العظيمة ، إلاَّ إنه بقدر طاعة الإنسان لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأداء واجبات الله و فعل الخير والإحسان والبذل ،سوف ينال عباد الله الصالحين جنة عرضها السموات والأرض ، وكلما تقدما الإنسان بالعمر يدرك بما لا يدعو مجالاً للشك من الاقتراب من خط النهاية الحتمية لكل مخلوق حي الموت ، قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) الجنة والنار مكافأة ومصير، والموت حقيقة زائر مباغت مفاجئ ،والمواظبة على العمل الصالح خالصاً لوجه الله تعالي ، وطاعة الله ونبيه صلى الله عليه وسلم في جميع الفرائض والواجبات، وبر الوالدين ، وسيلة تمكن الإنسان من الظفر والفوز بالغاية والأمنية لكل مسلم ومسلمة جنة الخلد.
(اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار)
الموت سنة كونية على كوكب الأرض لا يتوقف كل من عليها فاني، قال تعالى: ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) الموت غيب أنبياء ورسل، ملوك وعظماء ،وأمم سابقة عاشت حضارات عريقة ، رحلوا وخُلدت قصصهم وبعض آثارهم بقيت شاهد على تلك الحضارات ،الموت يعامل الكل بعدل ومساواة يأخذ بأمر الله المؤمنين والكافرين ،الصالحين والعاصين ، الملوك والعبيد ، الفقراء والأغنياء الموت بوتقة تنصهر فيها كل الأعراق والأجناس والديانات .
(اللهم ارحم أمواتنا وأموات المسلمين ، اللهم ارحم من أصبحوا في ودائعك وبرد على قبورهم واعف عنهم اللهم اجعل أبي من الضاحكين المستبشرين الغارسين من ثمار جنتك الشاربين من حوض نبيك والمحظوظين بشفاعتك يا أرحم الراحمين وأموات المسلمين أجمعين )
الموت آت ، الموت آت، وعلى الإنسان أن يدرك أمره ،ويستعد لتلك الرحلة المفاجئة، والتزود بنصيب وافر من الطاعات والعبادات ،وترك المعاصي والبذل في روافد الخير والعطاء وأن يسارع الإنسان في الأيام الفضيلة المباركة شهر شعبان وشهر رمضان باغتنام الفرصة بأداء الواجبات الربانية وأن يتاجر مع الله عز وجل بالقُرُبات الرابحة بما يعود عليه بالأجر وحسن الثواب من الله وتقديم العون للمجتمع وسد الخلل وتحقيق مبدأ الأخوة في الإسلام و التعاون مع أبناء المجتمع حتى يسود البر والإحسان .
اللهم أني أسألك من خيري الدنيا والآخرة ،يا ذو الجلال والإكرام أني أسألك حسن الخاتمة و مغفرتك و رحمتك ربي هب لكل عبد من عبادك قبر وجعله روضة من رياض الجنة واجعل الجنة دار المستقر لعبادك الصالحين ، اللهم أظلنا واجمعنا في جنتك مع أحبابنا أجدادنا وجداتنا و آبائنا وأمهاتنا وأخواننا وأخواتنا وأبناءنا وبناتنا وجميع المسلمين تحت ظل عرشك العظيم .
اللهم نفعاً في الأرض وقبولاً في السماء
الكاتبة / فاطمة العديساني