أخر الأخبار

سعودية التراث في مزارع البن وجبال الدائر

كرم الضيافة قديماً ، كان يعرف برائحة القهوة وشبة (الضو) رائحة الحطب عند اشتعاله ، وصوت تراقص (الفناجيل ) في يد المضيف عند استقبال ضيفه . هذه هي أصالتنا وعاداتنا وتقاليدنا .

توجه فريق (سعودية التراث ) من صحيفة الساحات العربية المكون من الإعلاميات : ندى البليهي ، مها الشمري ، مضاوي الشايقي ، مها الرميح ، سعاد الرميح . يوم الجمعة الموافق 4/1/1442هـ ، نحو النبع الأصيل للبن في مملكتنا الطيبة ، مملكة العطاء والخير ، إنها محافظة (الدائر) ، في منطقة جازان التي تبعد عنها بحوالي 150 كيلومتر . ويتبعها سبعة مراكز هي ( الحشر ، آل زيدان ، دفا ، عثوان ، السلف ، الجانبة ، الشجعة ) وتحتل قطاعاً كبيراً من سلسلة المرتفعات الجبلية في منطقة جازان . تتميز (الدائر) بتضاريسها الجبلية الوعرة التي تعد جزء من جبال السروات، وتتفاوت هذه المرتفعات الجبيلة فمنها ما يصل إلى ارتفاع 2238 متر فوق مستوى سطح البحر مثل جبل طلان ، ومنها ما يصل إلى 2118 متر مثل جبلي (حبس ، آل سلمى ) ومنها ما يصل إلى 1731 متر مثل جبل عثوان . أما بالنسبة لتضاريسها فمناظرها خلابة تأسر العين ، وأجواؤها عليلة تبهج النفس ، وفيها كثافة في الغطاء النباتي والحياة الفطرية المتنوعة وكذلك الثروة الحيوانية ، كم تشتهر بالمدرجات الزراعية الجميلة ، ويزرع فيها بكثرة الحبوب كالذرة والدخن والشعير وأيضاً الموز والبن الخولاني الشهير ، وجربت فيها زراعة الأناناس والجوافة والمانجو والبرتقال واليوسفي بنجاح ، والعرعر واللبخ والزيتون والتالق والسدر والشث ( شجر الدباغة ) ومختلف الحشائش المدارية ، وبها نباتات طبية وأشجار عطرية كالكادي والبعيثران وأنواع متعددة من الرياحين . أما مناخها فهي باردة شتاءً معتدلة صيفاً ، وفي بطون الأودية يميل المناخ إلى الحرارة صيفاً ، والمطار تهطل بصفة عامة في فصل الصيف وغالباً تكون كثيفة وغزيرة ، وتحتل أودية محافظة (الدائر) الجانب الأكبر من تغذية سد جازان بالمياه من جراء هطول الأمطار على مرتفعات محافظة (الدائر) وجريانها بواسطة الأودية الكبيرة .

تعتبر (الدائر) مركز تجمع سكاني ومركز رئيسي للدوائر الحكومية والأسواق والمؤسسات والمجمعات التجارية . وعندما بحث عن سبب تسمية (الدائر) بهذا الاسم ذكر أن (الدائر) كانت عبارة قرية صغيرة وبيوت متجاورة ، ولسهولة الإغارة عليها بنى سكانها (ديراً ) وهو جدار على شكل دائرة محيطاً بها لحمايتها من الغارات المفاجئة .

جبل طلان – متحف جبل طلان

كان في استقبال الفريق عند الوصول في (متحف جبل طلان) الوجهة الأولى للزيارة مشكورين كلُ من الاساتذة الأفاضل :حسين هادي المالكي ، محمد جبران المالكي ، فهد المالكي ، وصاحب المتحف الأستاذ جبران سلمان العليلي المالكي الكائن في مزرعته ، المليئة بالبن وخيرات حباها الله بها . احتوى المتحف على 8 آلاف قطعة أثرية نادرة ، تؤكد للزائر القيمة الثقافية والأثرية التي يمتلكها المتحف ويتنفس من خلاله عبق التراث وروح الأصالة وعراقة الماضي ، ويتألف المتحف من بناء من دور واحد فقط ، ويتخذ طابعاً مستديراً يصل قطره إلى حوالي عشرة أمتار ، ويتضمن عدداً من أدوات القهوة وأواني الطبخ و بعض المصنوعات الجلدية وبعض الملابس الخاصة بالنساء و مجموعة من الأسلحة القديمة التي كانت تستخدم في الحروب وعدد من الأدوات الحجرية القديمة . ويقع جبل طلان في شمال محافظة (الدائر) على بعد 17 كيلومتر ، ويمكن الوصول له عبر طريق جبلي مسفلت ، وقد ارتبط اسم هذا الجبل بالجمال والشموخ والبهاء ، والذي يختال على باقي جبال منطقة جازان لكونه أعلى قمة جبلية فيها ، حيث يرتفع أكثر من 2238 متر فوق سطح البحر ، وهو جبل عال اشم منيف يشرف على المحافظة ، ويطل على وادي دفا . كما تكسو السحب هذا الجبل معظم فصول السنة ويوجد به عدد من القلاع والحصون الأثرية . ويشتهر بالزراعة كالبن الخولاني ، الموز البلدي ، المانجو ، الليمون ، العنبرود ، والنباتات العطرية ، وتربية المواشي .

بعد ذلك تم التوجه للمزرعة التي تضم المتحف مشياً على الأقدام ومدرجات المزارع قد فرشت على الجبال ، فكان منظراً غمرنا بالدهشة في هذه الأرياف التي عادت لنا ذكريات الآباء والأجداد .

توجهنا إلى فندق (الرؤية) مساءً الذي اخجلنا بكرم الحفاوة والاستقبال ، وتوفير جميع الخدمات . وقد تم الاتفاق مع كابتنا الرحلة الأستاذ الفاضل حسين المالكي ، وكذلك الأستاذ الفاضل محمد المالكي على صباح اليوم التالي لرؤية ما تخبأه هذه الجبال من خيرات ونعم وكذلك أوديتها .

مزارع البن في جبل آل نخيف وادي المحمور

في اليوم التالي تم التوجه إلى وادي المحمور في الصباح الباكر برفقة كل من الأساتذة الأفاضل حسين هادي المالكي ، محمد جبران المالكي ، فهد المالكي ، جابر أحمد المالكي ، يحيى سلمان المالكي ، والمؤرخ الباحث يحيى شريف المالكي .

وكان الطريق جميل جداً ما بين مسفلت ورملي ، أبهرنا تفاهم السائقين مع بعضهم في المنعطفات الخطرة ، وكذلك انسياب الغطاء النباتي على الوادي ، وضخامة الأشجار فيه ، في هذا الوادي مررنا بعدة نقاط قبل الوصول إليه، أولى هذه النقاط كانت مطل ( الرميح ) الذي يقع شرق محافظة (الدائر) على بعد حوالي 14 كيلومتر تقريباً ، ويمكن الوصول إليه عن طريق جبل حبس ، يمتاز بمناظره الطبيعية الخلابة وجوه البارد ويطل على وادي دفا وصدر وضمد ، وكنا نرى الحدود اليمنية على سفوح الجبال ، وكلنا ندعوا ونبتهل إلى الله أن ينصر جنودنا وأن يحفظ بلادنا ، شعور خالطه الخوف والابتهال والسعادة ، فيما نراه ونشعر به في مملكة الفخر والعشق .

النقطة التالية توقفنا عند أشجار بالغة في الارتفاع مليئة بالتفرع تزيد عمرها عن 500 سنة ، من ضمنها شجرة الصومل و التالق  تستخدم في نجارة السقوف والنوافذ والأخشاب وقد استخدمت في بناء الأمارة قديماً . وأيضاً توقفنا عند شجرة من أندر أشجار العالم لا يوجد منها سوى أربعة فقط وهي شجرة (التكح) وقد تفضلت وزارة البيئة والزراعة والمياه بوضع لافتة عليها كتنويه هام .

ثم تعمقنا في الوادي حتى وصلنا إلى مزارع وادي المحمور، وكان في استقبالنا عارف آل حسين من آل نخيف/ سالم حسن النخيفي، حيث دار النقاش حول تاريخ البن وزراعته، وطرق معالجته والمحافظة عليه، وأهميته الاقتصادية، ودوره التنموي في رؤية المملكة، وقد أبدى المزارعون حرصهم على تنمية هذا المحصول واستعدادهم للحفاظ عليه كموروث اصيل. يقع جبل آل نخيف شرق محافظة (الدائر) على مسافة 28 كيلومتر تقريباً ، ويمكن الوصول إليه عن طريق عقبة (حبس) أو عن طريق جبل ( آل سعيد ) وجزء من طريقه مسلفت والجزء المتبقي جبلي رملي ، ويشتهر بمساحته الجغرافية الممتدة وطبيعة أرضه البكر ، ومدرجاته الزراعية المنتجة للبن الخولاني والموز البلدي والذرة بأنواعها وبعض الفواكه ، ويعتبر وادي شريج من أهم قرى آل نخيف من حيث وفرة المياه الجوفية مما جعل هذا الوادي يحتوي على أكثر المزارع على مستوى المحافظة . كما توجد به بعض القرى الأثرية القديمة ، كقرية (المحاما) التي تقع على ملتقى طرق المسافرين الذين يرتادون بشكل أسبوعي أسواق القطاع الجبلي قديماً ، وقرية المحمور ، القواعي ، الثهيرة التي تحكي في تفاصيلها مآثر الأجداد وإرثهم العريق .

مزارع وادي العين في جبال آل نخيف

بعد ذلك توجهنا إلى مزرعة ، مدرجاتها عامرة وقائمة بالبن الخولاني بالإضافة إلى 5000 شجرة مثمرة من البن الخولاني ، و3000 شتلة معدة للغرس ، تنتج سنوياً خمسة أطنان خاضعة للزراعة العضوية تحت التحول العضوي ، وبإذن الله خلال السنوات القادمة تكون من المزارع العضوية لإنتاج البن الخولاني هذا ما ذكره لنا الاستاذ يحيى سلمان المالكي ، الذي استقبلنا عند مطلع الجسر المعلق للمزرعة ، حيث تم افتتاحه أثناء زيارة المحافظ الأستاذ نايف بن ناصر بن لبده يوم الاثنين ٥ / ١/ ١٤٤٢ هـ . كان المشي على هذا الجسر مزيج من السعادة والخيال ، وكيف أن أهالي هذه المحافظة حريصون أشد الحرص على جلب الجذب السياحي والاستثماري .

جبل آل سلمى (القرانعة) قلعة العنقة

قصدنا بعد ذلك مع الاستاذ الفاضل محمد جبران المالكيو فهد المالكي ، قلعة (القرانعة) التي لا يعلم من بناها في جبال آل سلمى ، الذي يقع في شمال شرق محافظة الداير على بعد حوالي 13 كيلومتر تقريباً ، وكان طريق الوصول إليه مسفلت . يمتاز هذا الجبل بوجود كثير من القرى الأثرية العتيقة أشهرها قرية (العنقة) الأثرية ، بناها الأجداد قبل أكثر من 400 عام ، لها تاريخ سطره الأجداد بملحمة من ملاحم الوطن الكثيرة في عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله ، والتي ذكرها الرحالة فلبي في كتابه ، واتخذت منها وزارة السياحة ( هيئة السياحة والتراث الوطني ) سابقاً شعاراً عند فتح التأشيرة السياحية ، وتعتبر من القرى الهامة قديماً لما تمتاز به من البناء الفريد الذي يدل على براعة البنائين في ذلك الوقت والأشكال الهندسية والمعمارية ، وصمودها إلى هذا الوقت دليل على متانة البناء وجودته العالية . كما يمتاز بمدرجاته الزراعية التي يزرع فيها الحبوب بأنواعها والبن والموز البلدي الذي لا تخلو مزرعة من مزارع في محافظة (الدائر) منه ، وكذلك الأشجار العطرية . بالإضافة إلى تربية المواشي وتربية النحل الذي ينتج العسل الجبلي الأصلي ، حيث تنتشر المناحل لدى الأهالي بصفة كبيرة ، كذلك تم الوقوف على قرية (مثرارة) الأثرية على حافة الطريق لها قرابة 150سنة قبل الإسلام أو يزيد عن ذلك . وكذلك شهدنا الغمرة وحفنة والخزام ، وتم التقاط الصور عند المغيب من أعلى حافة الجبل ، وكأنها ترسل لنا رسائل تحية وسلام على أزمنة شهدتها ، ولا زالت صامدة هي ومثيلاتها في بطون الجبال  .

ثم توجهنا إلى مزرعة بن أبهرنا طريقة تنظيمها لمسار سياحي الهايكنج ، عن طريق ممر سهل ممهد يستطيع الزائر أو السائح رؤية مناظر خلابة من حيث المدرجات الخضراء في أحضان الضباب ، والحطب مشتعلاً على دلال رسلان ، ورائحة البن الخولاني قد امتزج بالحطب ، وهي تنتشر في كل مكان . إنها مزرعة العم جابر أحمد المالكي الذي تفضل مشكوراً ، بالشرح الوافي عن مزرعته التي احتوت هذا المسار السياحي لجذب الاستثمار لهذه المحافظة ، التي احتوت مقومات عناصر السياحة فيها .

بعد يوم حافل بوادي المحمور والعين في جبال طلان ، وطرق السلام على قريتي القرانعة ومثرارة في جبال آل سلمى ، توجهنا عند العشاء إلى الفندق ، على موعد جديد في اليوم التالي لصبح باكر .

جبل الذاري الأغبر قرية الشرفة

على الموعد التقينا في الصباح الباكر ، عند بوابة الفندق برفقة الأستاذين الفاضلين : حسين هادي المالكي ، حسن جبران الحرازي  ، وكانت الوجهة الأولى جبل الذاري شرق محافظة (الدائر) يبعد حوالي 9 كيلومتر تقريباً ، ويمكن الوصول إليه عبر طريق جوة آل سلامة ، والطريق المؤدي إليه جزء منه مسلفت والآخر ترابي ، ويشتهر بزراعة الحبوب ، البن الخولاني ، الموز البلدي ، شجر الباباي . كما يشتهر بوجود القرى الأثرية القديمة والمبنية بطراز معماري فريد ، والتي تدل على براعة واهتمام ساكنيها بمبانيهم من ناحية التحصن والمتانة وقوة البناء ، مما جعل من هذه القرى ملجأ آمناً لساكنيها أيام الحروب والغزو ، ومن أهم هذه القرى الوسطى وقرية الشرفة الهشمة وقرية الضحيان وقرية بن مقرن والضباع والحضن . يطل الجبل على عدة جبال مثل جبل آل سعيد وجبل حبس وجبل آل نخيف . كما يشتهر بتربية المواشي من ضأن وماعز وبقر ، وجوه العليل نظراً لارتفاعه الشاهق الذي يجعل منه منتزه فريد ، لإطلالته الفريدة على المدرجات المتناسقة ومنازله القديمة الرائعة .

وبعد هذه المقدمة عن هذا الجبل (الذاري ) توقفنا عند مطل نستطيع من خلاله رؤية قرية ( الشرفة ) التي وددنا من خلاله زيارتها عن قرب ولكن بين لنا الأستاذ الفاضل حسين هادي المالكي وعورة الطريق لها ، خصوصاً بعد الأمطار التي رزقهم الله بها قبل يومين من زيارتنا ، وهذا ما شهدناه فعلاً في بعض الطرق خصوصاً التي يكون موقعها عند مجرى السيول .

جبل خاشر قرية قيار

في الطريق وبرفقة الأساتذة الأفاضل حسين هادي المالكي ، حسن جبران الحرازي ، محمد جبران المالكي ، وقبل التوجه إلى قرية قيار ، توقفنا عند منحلة الأستاذ الفاضل محمد سلمان الشحي الذي تفضل مشكوراً باستقبال الفريق ، وبشرح تفصيلي عن كيفية التعامل مع النحل على طريقة الآباء والأجداد ، كذلك إكرام الفريق بتذوق العسل الجبلي الصافي ، ثم توجه برفقتنا إلى قرية قيار الأثرية .

وصلنا إلى القرية التي كانت مهيبة في بناءها والتي احتوت على ثلاثة أبراج أسطوانية الشكل أساسها يأخذ في الاتساع ويضيق في الأعلى ، وقد بنيت من الحجارة والصخور المستخرجة من نفس الموقع . البرج الثالث فيها قد انتصف وذلك بسبب العوامل المناخية والتضاريسية ، غير أن البرجين لازالا صامدين ، وكأنهما يحكيان لنا مدى براعة الهندسة في البناء والتصميم الذي جعلهم مقاومين رغم الأزمنة والسنين ، عمر هذه القرية يرجح أنه للعهد الحميري أو ما سبقه تقريباً بثلاثة آلاف سنة ، وهذا ما دل عليه الطراز المعماري التي كانت عليه ولا زالت هذه القرية ، استخدم البناء في نواحي عدة منها سكنية وعسكرية واقتصادية ، وذلك لوجود مخازن للحبوب في المبنى تحفظ لهم المخزون فترة طويلة . وهي تتكون من تسعة أدوار ، القرية الآن مهجورة ولكن حتى عهد قريب في بدايات القرن الهجري الحالي ، قادرها سكانها عام 1410هـ . كان الاستاذ الفاضل محمد سلمان الشحي هو قائدنا في هذه القرية ، وقد دعانا إلى الصعود لأحد أبراجها ، والتي تمكنت منه إعلاميتنا المتميزة مها الشمري ، وأخذ صورة تذكارية لها . ولتعريفنا بالجبل الذي احتوى على هذه القرية الصامدة ، أنه يقع في جنوب شرق محافظة (الدائر) على مسافة حوالي 11 كيلومتر تقريباً ، ويمتاز بمدرجاته الزراعية ، وقراه الأثرية القديمة لعل من أهمها قرية خاشر وقرية الغاسبة وقرية الثاهر ، ويوجد به مطل سياحي مشيب يقع على طريق خاشر العين الحارة ويطل على عدد من القرى أهمها ( حراز – قيار – وادي الجنية – ربيعة – ذات الخلفين – العزة ) كما يمتاز هذا الجبل بزراعة الليمون ، البن الخولاني ، الموز البلدي ، المانجو ، وتنتشر أشجار العرعر في قمة (ريدة) التي تعتبر أعلى قمة في جبل خاشر ، حيث الضباب والغيوم أهم ما يميز الجبل خلال الأمطار السنوية .

بعد ذلك توجهنا إلى عين تصل مياهها إلى جبل خاشر وتروي سكانه ، وهي عين الثقرة في وادي قيار، ذات العذوبة والصفاء وهي جارية طوال السنة ، كذلك يكثر بجانبها شجر العنبرود .

أمارة محافظة (الدائر ) التابعة لمنطقة جازان

ثم توجهنا مع الأستاذ الفاضل محمد جبران المالكي ، إلى مقر أمارة محافظة الدائر لمقابلة المحافظ نايف بن ناصر بن لبدة ، حيث كان في استقبالنا مشكوراُ وقد دار الحديث حول التوجه لرؤية المملكة 2030 لزراعة البن من جازان إلى محافظة الطائف ، وأعرب عن سعادته وشكره لمتابعة تغطية فريق (سعودية التراث ) عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمحافظة ، بالإضافة إلى نقل أخبارها ، وما تبذله الدولة و المواطن في تحقيق انتاج البن ، وعن نجاح السياحة الداخلية و بالتحديد في محافظة الدائر وما تسعى إليه مستقبلاً ، بين أنه بتنفيذ لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة جازان، ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز آل سعود ، ومتابعتهم الحثيثة في تطوير السياحة كنقطة جذب للمنطقة ،أفاد أن السياحة أصبحت صناعة ،ورافد من روافد الاقتصاد في المملكة العربية السعودية ، ومحافظة الدائر لها مقومات سياحية نظراً لما تتمتع به من تاريخ حافل يفوق 4000 سنة من بناء القرى التراثية الأثرية وكذلك الحصون ، حسب ما أشار إليه بعض الباحثين ، وتعتبر المحافظة من أكبر تجمعات القرى والحصون التراثية الأثرية على مستوى العالم، وأيضاً في زراعة البن ، وهي داعمة للسياحة الريفية ، نظير المحافظات الأخرى الجبلية ، حيث أنها وفرت الدعم اللوجستي لتلبية رغبة الزائر و السائح معاً ، مما أدى إلى توفير الفنادق والوحدات السكنية و الريفية ، و توفير مسارات سياحية كأول درب لرياضة الهايكنج في المملكة العربية السعودية ، مثل درب جازان ، وكذلك توفير مسار بطول 142 كيلومتر  في المحافظة ، هذه المسارات يتخللها نزل بيئية التي تم دعمها من وزارة السياحة ،وأسر منتجة ،ومتاحف ،ومزارع ، وأعرب عن رغبته في تحويل النزل التراثية إلى بيئية ، وهذه الرغبة لن تتحقق إلا إذا كان هناك مبادرون من أهالي المحافظة ، ودعا وأشاد بمثل هذه المبادرات التي تزيد من تحقيق نجاح السياحة ، وكذلك تحافظ على هوية المحافظة، وعن الحرف اليدوية ، أوضح أن لجنة التنمية الاجتماعية هي الجهة الداعمة لهم ، وذكر أن هناك توجه لافتتاح سوق يضم هذه الحرف لحفظها من الاندثار ، أما بالحديث عن الأشجار المعمرة أوضح أن هناك دور كبير من وزارة البيئة والزراعة والمياه لمحاربتها من الفطريات التي تسبب لها الأمراض ، وكذلك اهتمام من قبل الأهالي ، وحراس الغابات للمحافظة عليها لأنها تعتبر كنز تراثي زراعي ، وعن مبادرة الفريق أشاد بالجهد والنقل الذي يبذله الفريق وعجز عنه الكثير ، ودعا بالاستمرار الذي سيحدث الأثر  على المدى القريب والبعيد ، كما رحب بالزوار ورجال الأعمال والمستثمرين والسائحين من خلال عدساتنا ، لما تتميز به المحافظة من طبيعة خلابة .

وادي الجنية

قصدنا هذا الوادي الذي يبعث الرعب أثناء نطقه ، ويأسر العين بخضرته وجماله عن طريق جبل خاشر ، ويمكن الوصول إليه عن طريق جبل حراز , وعن سبب تسمية الوادي بهذا المسمى ، أخبرونا أنها روايات قديمة ليس لها أساس من الصحة ، قيل فيها أن عجوزاً أضاعت بقرها في الوادي ، فاستعانت بالجن ليستردوها لها .

الملعب المنحوت

وصلنا إلى وجهه أبهرتنا في البناء والنحت في جبل الحشر ، والتي أقيمت بمجهود شخصي إنه الملعب المنحوت التحفة الرياضية ، الذي اختير من ضمن أفضل خمسة ملاعب في قارة آسيا ، الأستاذ محمد حربان الحريصي صاحب هذا المشروع وقد بناه عام 2003م ، إذ يتسع لما يزيد على 10.000 متفرج، وسبق أن أقيمت عليه بطولات عدة، أولها في عام 2006م .

في صباح يوم الاثنين الموافق 19/ 1/1442 هـ وهو يوم ختام رحلتنا في محافظة (الدائر ) توجهنا في الصباح الباكر إلى مزرعة السنام في وادي دفا في آل تليد، مع الأستاذ الفاضل أحمد فرح فرحان المالكي ، وقد أسهم في شرحه وطرحه عن المزرعة الذي قام فيها ، بزرع ألف شتلة زراعية من البن ، بدعم من وزارة البيئة والزراعة والمياه ، وهيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية .

في طريق العودة إلى الفندق ، توقفنا عند السوق الشعبي لأخذ جولة سريعة مع الأستاذين الفاضلين حسين هادي المالكي ، أحمد فرح المالكي ، وما يحتويه السوق من أزياء تقليدية ومحلات تجارية .

وصلنا إلى الفندق لحزم الأمتعة ، بعد أن احتضنتنا جبال الدائر وأوديتها بكرم وطيب أهلها ، مودعين قلاعها وحصونها وقراها التي لن ننساها .

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى