صوت يناديني……يهمس في اذني……احيانا”أستجيب له… واحيان أخرى لاأعير ذلك الصوت..اي إهتمام ..
… !!،تارة التفت له وتارة اغلق أذني، وأنظر إلي السماء..،بخجل منك يا الله كيف اعصيك وأنا أنا وكيف أقطع رجائي منك وأنت أنت ؟؟..
هنا يبدأ الصراع بين الخير والشر، حين تناديني نفسي الأمارة بالسوء لأفعل السوء.
من منا لايمر بتلك الهفوات والنزوات، من منا لا يعيش ذلك الصراع بين الخير والشر، الذي هو طبيعة البشر.
فكل إنسان له نفس واحدة لكن لها صفاة وأحوال تختلف من شخص لآخر ومن وقت لآخر.
وقد أقسمَ الله بها في كتابه ، ولا يقسمُ الله إلا بعظيم ، قال تعالى : ) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ( وقد جعلَ الله لهذهِ النفس طريقين : طريقُ تقوىً وبه تفوزُ وتُفلح ، وطريقُ فجورٍ وبه تَخسر وتَخيب .
لذلك يجب الإشارة الي ان الإنسان لايطمئن إلى نفسة،.فالشر لايجيء إلا منها، ويستعيذ بالله من شر نفسة، ولا يشتغل بلوم الناس فقط .
يقول جل وعلا : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
والناظرُ في حالِ الناسِ اليوم ، يرى رُخص النفوسِ عند أهلِـها ، ويرى الخسارةَ في حياتِـها لعدمِ مُحاسبتِها ، والذين فقدوا أو تركوا محاسبةَ نفوسِهم سيتحسرون في وقتٍ لا ينفعُ فيه التحسر ، يقول جل شأنه : } أنْ تَقولَ نَفسٌ يا حَسْرتى عَلى ما ! فَرطتُ في جَنْبِ اللهِ وإنْ كُنْتُ لَمِنَ الساخِرين.
فمحاسبة النفس مفهوم يعني القيام بتصفية وتنقية النفس البشرية من ذنوبها ومعاصيها، حيث إنه لابد للشخص العاقل أن يقوم بتخصيص وقتاً يومياً يقوم به بالاختلاء بنفسه ليحاسبها عما قدمت في ذلك اليوم من أعمال أو من ذنوب، فمن المعروف أن إهمال الإنسان لمتابعة أعماله ولحساب نفسه سيؤدي به إلى التمادي في الذنوب والآثام، ولعل قول الله عز وجل من أبرز الدلائل على ضرورة قيام الإنسان بمحاسبة نفسه ومراقبتها، وذلك في قوله تعالى ( بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ )، فلو استطاع أن يكون بصيراً على نفسه محاسباً لها قبل أن يحاسب يوم القيامة لنجا واستطاع الفوز برضوان الله علية.
ومحاسبة النفس نوعان: نوع قبل العمل، ونوع بعده. فأما النوع الأول: فهو أن يقف عند أول همه وإرادته فينظر: هل العمل موافقٌ لكتاب الله وسنة رسوله صلى اللهُ عليه وسلم أم لا؟ فإن كان موافقًا أقدم، وإن كان مخالفًا ترك، ثم ينظر: هل فعله خير له من تركه؟ أو تركه خير له من فعله؟ فإن كان الثاني: تركه ولم يقدم عليه، ثم ينظر: فإن كان لله مضى، وإن كان للجاه، والثناء، والمال من المخلوق ترك.
فالفضائل تتصل بالجانب العقلي والروحي بينما الرذائل تتصل بالجانب الحسي للشخص، ولذلك فإن الإنسان بطبيعته يتجه نحو الرذائل بحسب مشاعره وأحاسيسه التي تطفو على السطح واستجابة لدعوة النفس التي تأمره بالخطأ فيلبي الا إذا كان ذا عقل راجح فلا يميل الا وفق عقلانيته، لذا لا بد للفرد من أن يتكلف الفضائل وأن يدفع نفسه إليها،
ذكرَ ابنُ القيم أن محاسبةَ النفس تكون كالتالي :
أولاً : البدءُ بالفرائض ، فإذا رأى فيها نقصٌ تداركهُ .
ثانياً : النظرُ في المناهي ، فإذا عرَف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبةِ والاستغفارِ والحسناتِ الماحية .
ثالثاً : محاسبةُ النفس على الغفلةِ ، ويَتَدَاركُ ذلِك بالذكرِ والإقبالِ على ربِ السماوات ورب الأرض رب العرش العظيم .
رابعاً : محاسبةُ النفس على حركاتِ الجوارح ، وكلامِ اللسان ، ومشيِ الرجلين ، وبطشِ اليدين ، ونظرِ العينين ، وسماعِ الأذنين ، ماذا أردتُ بهذا ؟ ولمن فعلته ؟ وعلى أي وجه فعلته ؟
* ومن فوائد محاسبة النفس:
١_الاطِّلاع على عيوب النفس، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته.
٢_دليل على الخوف من الله والاستعداد للقائه.
٣_تبين للمؤمن حقيقة الربح والخسران.
٤_محاسبة النفس في الدنيا تريح المؤمن يوم القيامة.
٥_فيه امتثال لأمر الله تعالى.
٦_تبعد عن الغفلة، والاستمرار في المعاصي، والذنوب.
٧_تعين المؤمن، وتساعده في استدراك ما نقص من الفرائض، والنوافل.
٨_تثمر محبة الله ورضوانه.
٩_أنه يعرف بذلك حق الله تعالى عليه، ومن لم يعرف حق الله تعالى عليه، فإن عبادته لا تكاد تجدي عليه، وهي قليلة المنفعة جدًّا.
١٠_ترويض النفس وتنقيتها من التضاد المتاجج بداخلنا.فلا تعتاد على الذنوب والمعاصي اوتتساهلها.
أخيرا”.. أضر ما على المسلم الإهمال وترك المحاسبة والاسترسال وتسهيل الأمور وتمشيتها، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك، وهذه حال أهل الغرور يغمض عينيه عن العواقب ويمشي الحال ويتكل على العفو فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب وأنس بها، وعسر عليه فطامها ولو حضر رشده لعلم أن الحمية أسهل من الفطام، وترك المألوف والمعتاد.
فلاتنصت لذلك الصوت…
الذي يناديك للسوء. لانك تستطيع ان تتجاهله الآن.