المرأة السعودية التي حضرت في الأمم المتحدة والبيت العربي في باريس، وكعالمة في أهم مراكز البحوث العالمية ثم كسفيرة في الولايات المتحدة ومؤخرا في النرويج هي امرأة حاضرة بتفوق في المشهد المحلي وفي وظائف ومراكز وظيفية تشارك فيها بالتنمية أخيها الرجل في أدوار متكاملة وسعي دؤوب ليس لتحقيق الاكتفاء الذاتي فحسب وإعالة نفسها وأسرتها وإثبات الذات وخوض مجالات لم تكن متاحة لها من قبل، بل أيضا بحس وطني عالٍ لتحقيق رؤية المملكة التي وضعت بلادها في مصاف الدول الكبرى كدولة عظيمة مهابة تحمل الإنسان أولا في مقدمة الركب وتباهي به وتتكئ عليه كمحور رئيس في رؤيتها وتقدمها واستكمال مسيرتها الممتدة منذ عهد الملك المؤسس الذي وحدها وتحقق بعد ذلك أمن المنطقة كلها وشعرت بهذا دول الجوار، ولعلي أذكر مقولة خالدة لمعالي القصيبي حين تحدث عن الشباب السعودي مشجعا لأصحاب العمل باستقطابهم حيث ذكر بحضارة هذه الأرض وتاريخها «هذه منطقة البيت الحرام؛ من هنا انطلق آلاف ونشروا الحضارة في ثلاثة أرباع العالم، نحن أبناؤهم ونحن أحفادهم، نحن لسنا حضارة هامشية فنحن أمة بقيت لمدة أكثر من 800 سنة تقود العالم في كل شيء الفكر والتقنية وغيرها».
حين نتحدث عن الرؤية فإن وقودها الإنسان في المملكة، ولعلي أخص بالحديث المرأة التي مكنت بجدارة وفي وظائف أثبتت فيها قدراتها وإمكانياتها، فبعد قرار خادم الحرمين الشريفين بإعادة تشكيل مجلس هيئة حقوق الإنسان برئاسة د. عواد العواد تم تعيين 13 امرأة تمثل نصف عدد المجلس، كما أعادت لنا الصورة التي تداولها العالم لامرأة سعودية في صفوف الحرس الملكي السعودي سيرة نساء من التاريخ الإسلامي.
لن تذهب من ذاكرتي ما حييت علياء الزهراني من منسوبات إدارة العلاقات العامة والإعلام في شرطة الرياض والتي استقبلتنا في ندوة «التعايش والعودة بحذر بعد أزمة كورونا» التي ألقتها المبدعة روان الوابل في مقر شرطة الرياض وحضرتها عدد من المنتسبات لذلك القطاع، عجزت أن أتوقف عن الحديث عن علياء وزميلاتها، عن امرأة بهذه الديناميكية والثقافة العالية وأيضا الإنسانية التي تجلت في تفاصيل معاملتها وأخلاقها السعودية التي أعتبرها سمة للإنسان في المملكة أباهي بها العالم.
سعوديات أعجز عن حصر حضورهن في المشهد المحلي والعالمي، ويضيق المجال بذكر نماذج أخرى لكنهن نقشن سيرة ذهبية على صفحات عطرة من تاريخ المملكة وتمكين النساء اللاتي كن جنبا إلى جنب مع الرجل منذ تاريخنا الإنساني.
الأنقياء في العالم يلوحون لهن بكف القلب وفيض من المحبة والتقدير، والمغرضون الحاسدون يغيرون مواقفهم وينقلبون على أنفسهم كما تغير الثعابين جلدها فبعد أن علت أصواتهم أن المرأة لم تنل حقوقها في المملكة ها هم ينتقدون حضورها وتمكينها، وبين هذا وذلك هناك جهد دؤوب وعمل سعودي لا يكل ولا يتعب يبهر العالم بالسعودية العظمى التي تسر الناظرين وتتعب الأعداء، ويا جبل طويق لا يهزك ريح.