خطباء المملكة توحدوا للحديث عن الإجراءات الإحترازية والوقائية لجائحة كورونا

توحدت اليوم خطب الجمعة في جميع جوامع المملكة عن الأخذ بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة ــ رعاها الله ــ في التصدي لجائحة كورونا والواجب الشرعي على المواطن والمقيم في الأخذ بها، وبيان الواجب الشرعي تجاه من يتهاون في تنفيذ الإجراءات الاحترازية وأنه أثم في ذلك ومخالف لتعليمات ولاة الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم، منوهين بدور القيادة الرشيدة في الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين والمقيمين من خلال القرارات المتواصلة التي أصدروها والأعمال الجليلة التي قاموا بها والتي كانت محل تقدير العالم.

جاء ذلك خلال خطب الجمعة التي ألقوها اليوم عقب عودة الصلاة في الجوامع في مختلف مناطق المملكة والمساجد الإضافية إنفاذاً لتوجيهات معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ ضمن برامج الوزارة وأعمالها المتواصلة لمنع تفشي وباء كورونا بالتزامن مع بقية قطاعات الدولة الأخرى ومواكبة لجهود القيادة الرشيدة في هذا الصدد.
وأستهل الخطباء خطبهم بالتأكيد على أن دين الإسلام دين شامل كامل، صالح لكل زمان ومكان، جاء بجلب المصالح وتكميلها، ودفع المضار وتقليلها، وهذا عام يشمل كل أمور الإنسان الدينية والدنيوية، سواء كانت تتعلق بالنفس أو بالمال أو بالبدن أو بالعقل أو بالدين، فإن كان أمرا لا بد منه فإنه يقوم على سبيل الوجوب، وإن كان أمراً دون ذلك فيكون على سبيل الاستحباب، وكل ما فعله أو تركه يتضمن ضرراً فإنه منهيٌ عنه، إما على سبيل وجوب الترك أو الفعل وإما على سبيل الأفضل والأكمل.
وأوضحوا إن العالم يعيش أزمة فايروس كورونا منذ أكثر من خمسة أشهر تضررت منه بلدان عديدة وذهبت أنفس كثيرة، وقد وفق الله ولاة أمرنا ــ أيدهم الله ــ والعاملين في جميع الجهات لجهود عظيمة، وأعمالا جليلة، لاتخاذ إجراءات احترازية استباقية ساهمت بعد توفيق الله في حفظ سلامة الإنسان في هذا الوطن الغالي، مواطنا كان أو مقيما، ونعلم جميعا أن تلك الجهود كلفت الكثير والكثير، لنبقى في أمن وصحة، مع وفرة في الأرزاق وتيسير في الخدمات.
وبينوا أن لهذه الأزمة ضررا لحق البعيد والقريب، دينيا وصحيا واجتماعيا وماليا، وها نحن نعيش مرحلة جديدة من الإجراءات وعودة تدريجية إلى الحياة الطبيعية، لذا فإن علينا مسؤوليات عديدة، وأمانات عظيمة يجب علينا أن نقوم بها، ألا وهي الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي نشرتها الوزارات المختصة، سواء في المساجد، أو في الأسواق، أو في مقرات العمل، أو أي مكان يحصل فيه تجمع واجتماع، عملا بالأدلة الشرعية، وقياما بالمسؤولية، عملاً بقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وقال تعالى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».
وتطرق الخطباء إلى ما دلت السنة النبوية عليه من الآداب العظيمة التي لها علاقة بالوقاية، ومنها ما قاله النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ»، وكَانَ عليه الصلاة والسلام «إِذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ»، وعدداً من الأحاديث الدالة على الآداب الشرعية التي حثت عليها الشريعة الغراء التي جاءت بالفضائل لحفظ النفس البشرية.
ودعا الخطباء عموم الناس إلى القيام بواجبهم تجاه أنفسهم وأسرهم، ومجتمعهم بأكمله، كما قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
وأجمع الخطباء على أن من الواجب على الجميع إرجاع الأمر إلى أهله، سواء في الجانب الشرعي أو الطبي أو النظامي أو الإعلامي، مشيرين إلى أن المسلم مأمور بالتثبت من صحة ما يصل إليه، وإرجاع الأمور إلى أهلها، والحذر من كل ما يؤدي إلى الخوف والهلع والفتن والشائعات وسوء الظن والتشكيك، فلا نأخذ الفتوى إلا من الراسخين في العلم، وعندنا اللجنة الدائمة للإفتاء وهيئة كبار العلماء، ولا نأخذ الطب والعلاج إلا من الجهات المعتمدة عند وزارة الصحة، ولا ننقل من الأخبار إلا ما صرحت به الوزارات المعنية، ولا نتعامل في البيع والشراء إلا مع المحلات التجارية النظامية، ولنحذر من أي تعامل يدعم التستر التجاري بأي شكل كان.
وأكدوا أن ما قامت به الدولة من إجراءات واتخذته من قرارات هو من باب فعل الأسباب الشرعية مع التوكل على الله، فلا نترك التوكل ولا نهمل فعل الأسباب عملاً بقول الله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، سائلين الله أن يوفق ولي أمرنا وولي عهده إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وأطل في عمريهما على طاعتك، وأن يوفق كل من عمل في هذه الأزمة في جميع القطاعات وأجزهم خير الجزاء.
الجدير بالذكر أن صلاة الجمعة اليوم شهدت وعي كبير من المصلين بمختلف مناطق المملكة والتزام بالأخذ بالتدابير والإجراءات الوقائية التي أقرتها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، كما شاركت مختلف فروع الوزارة في تجهيز المساجد الإضافية والجوامع وتهيئتها وفق الإجراءات الاحترازية ووضع اللوحات الإرشادية، فيما شارك أكثر من 4 الآف من مراقبي المساجد و الفرق التطوعية بفحص المصلين لدى دخولهم الجوامع والمساجد وتوزيع المعقمات والكمامات القماشية وسط إشادة واسعة من مرتادي المساجد بجهود ولاة الأمر في توفير أسباب الراحة والطمأنينة للمصلين في مساجد المملكة .

زر الذهاب إلى الأعلى