كتاب الرأي

الخطف والتسول و حلول مستقبلية

انكشف  المخفي عندما سقط  الستار عن غموض جرائم خطف حدثت  منذ سنوات كانت جرائم مؤلمة هزت المجتمع السعودي اختطاف ثلاثة أطفال حديثي الولادة من المستشفى ! وعادوا بعد رحلة  الفقد والضياع  ولله الحمد إلى أحضان أُسرهم، لكن عودتهم سلطت الضوء على جريمة بشعة ألا وهي جريمة الخطف ، وأنه مازال هناك  العديد من ( المواليد ، الأطفال  ، البالغين ) مفقودين منذ سنوات ولم يتوصل إلى مكان وجودهم  ،وتعذر معرفة مصيرهم أحياء أم أموات ، اللهم ربي أنزل على أسرهم  المكلومة الصبر والسلوان  ورد الغائب واجبرْ كسر القلوب وأعد بهجة الحياة لتلك الأُسر  ، إن  جريمة خطف الأطفال  جريمة  بشعة مروعة تهدد سلم و أمن المجتمع ،   ويسود بسببها الخوف والقلق ، وكون هناك عدد من المخطوفين مواليد  تم خطفهم  من المستشفى بعد الولادة ، من بين يدين الأم وتخرج الخاطفة من المستشفى بالطفل بدم بارد بدون أن يعترض طريقها أحد ! وهذا ما حدث مع خاطفة الأطفال ، و في هذا المقال أتوجه  إلى وزارة الداخلية ببعض الاقتراحات والحلول التي قد تُسْهِمْ بعون الله في تقليص جرائم الخطف والتسول  ،والتي أرجو من الله أن تكون جهد مبارك نافع فيه الخير لأمن الإنسان وحفظ الوطن.

 –  يعلم الجميع ولله الحمد تطور نُظُمْ حماية المواليد  في  المستشفيات السعودية من الخطف ،  ومن تلك الإجراءات المتبعة  كاميرات المراقبة والبوابات الأمنية  ، ومن أهم النُّظُمْ  الأمنية  الحديثة في بعض المستشفيات السوار الأمني وله دور مهم في إحباط نجاح  أي محاولة اختطاف للمواليد ، وأرجو أن تعمم هذه التقنية على جميع المستشفيات قريباً، وأرى أن يكون لكل طفل منذ ولادته بطاقة هوية تحمل صورته الشخصية والبيانات الأساسية من الاسم وتاريخ الميلاد والبصمة وفصيلة الدم  ، ممكن تكون منفصلة ،أو تكون مرفقة مع سجل الأسرة يتم تجديدها سنوياً نظراً لتغير ملامح الطفل سريعاً في مرحلة الطفولة المبكرة ، وهذه البطاقة بمثابة بطاقة تعريف بالطفل تحمل معه داخلياً  ، و تُسْتـَخْدم عند الحجز في الفنادق وعند مراجعة المستشفيات ،  و عند الحجز داخلياً في المطارات والنقل الجماعي ، إن وجود هوية و ربط اسم الطفل بالصورة الشخصية له  ، سوف يضيق الحصار على من ينتهك حقوق الطفل و نضمن بإذن الله أنه لن يكون هناك أطفال يعيشون  في الظل بدون هويات ،  وأن يستشعر كل شخص مجرم يتجرد من إنسانيتهُ  بأنهُ في دائرة الضوء وأنه ليس  بمنأى ومأمن من  المساءلة والتوقيف و العقاب .

– هناك عدد من الأطفال مفقودين منذ سنوات لم تكتحل  أعين  ذويهم برؤيتهم ،  وكذلك هناك أعداد من الأطفال مجهولي الأبوين في دور الإيواء والرعاية للأيتام  ، وأن الشيء المنطقي أن الشخص  الخاطف لن يحتفظ بالطفل المخطوف إلَّا إذا سجله في سجل الأسرة ، لكن إذا فشل في تسجيله سوف يكون هذا الطفل عبء وعقبة في طريقة لن يستطيع مرافقته في السفر ولن يتجرأ عند مرضه أن يذهب به  للمستشفى ولن تستقبله المدارس ، ولذلك  الخاطف لن يحتفظ بالطفل المخطوف  مدة طويلة ، غالباً سوف يتم التخلص منه لذلك أرى أن تكون هناك قائمة  بنتائج الحمض النووي للأطفال مجهولي النسب يتم مطابقتها مع  حمض الأُسر التي فقدت أطفالها ، فقد يوجد في دور الرعاية  أطفال لهم نسب وأُسر تتألم على فقدهم و تنتظر رجوعهم بفارغ الصبر .

– إنَّ  انكشاف  أمر خاطفة الدمام  أظهر فشل وقصور التعداد السكاني في استقصاء العدد الفعلي للسكان ،  والسؤال  المهم ، هل التعداد السكاني بالطريقة المعتمدة حالياً ينقل الواقع للمسؤولين  !! كم شخص يعيش بيننا لم يسجل في التعداد السكاني ؟  لأنه  وللأسف عاش مع الخاطفة شابين بدون هويات و أوراق رسمية  من المهد حتى سن الشباب ، وهذا يوضح  بأنهُ لم يحضر إلى المنزل الَّذي يسكنان فيه أي  باحث أو مسؤول تعداد سكاني أكثر من عقدين من الزمن !! سقطوا من التعداد  سهواً  أم عمداً ،  وإذا كان حضر مسؤول التعداد ، لماذا لم يلاحظ وجود الشابين ؟ وزدْ على ذلك أن الخاطفة تنقلت بين أكثر من مسكن و للأسف لم يسألها المؤجر أو المكتب العقاري  عن الأطفال ودرجة قرابتها لهم ، مما ضيع فرصة انكشاف أمرها منذ سنوات .

هل ينتهي التعداد السكاني بالطرق التقليدية تماماً في المستقبل  القريب ؟ في ظل التطور العلمي والتكنولوجي والذكاء الصناعي ، نعم و أعتقد بأنهُ يمكن أن يتم الاستغناء عن التعداد السكاني بالطريقة التقليدية ،  وأن يحل بدلاً عنهُ التعداد السكاني الإلكتروني لقد اثبت نظام منصة أبشر المستخدم من قبل  المدرية العامة للجوازات نجاحه وسهل الكثير من الخدمات الضرورية على المواطنين ، هل تستبدل الهيئة العامة  للإحصاء  التعداد السكاني التقليدي  و تعمل على إيجاد تطبيق إلكتروني على غرار تطبيق أبشر ؟ وأن يكون تطبيقاً أو منصة (بطاقة تعداد سكاني )  بديلة عن بطاقة التعداد السكاني التقليدي  تُدَوْن  فيها  المعلومات عن الأُسرة و السكن وأن يُمْنـَح رب الأسرة بطاقة سكنية تحمل المعلومات الشخصية  والبيانات  لجميع أفراد الأسرة   والقُصَّر من الأطفال يتم أرفاق صورهم  وتكون تلك بطاقة سكنية  وفي نفس  الوقت إثبات لهوايات الأطفال القُصَّر ، وبها يتم الاستغناء عن البطاقة الفردية للطفل وأن يتعامل مع البطاقة السكانية  مثل الهوية الوطنية ،  ويتم تجديد إصدارها  في حال تم تغيير مقر السكن أوعند تغيير الظروف الاجتماعية بطلاق أو موت أو زواج ، وتعتبر وثيقة رسمية  صادرة من جهة رسمية ، وبوجود ودعم  الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي و تعاونها مع الهيئة العامة للأحصاء  ومع  الوزارات  المعنية بخدمة المواطن كوزارة الشؤون البلدية والقروية و وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية  وإدارة الأحوال المدنية بعون الله  الأمر سهل ميسر وممكن إصدار بطاقة  سكنية  ووثيقة رسمية لها مكتسبات مهمة منها.

– حصر عدد السكان بدقة عالية وفي فترة زمنية قصيرة.

-توفير الهدر المالي الناتج عن تعداد السكان بالطريقة التقليدية .

– من خلالها يتم تدون البيانات الشخصية لجميع أفراد الأسرة .

– تستخدم عند التأجير للمسكن لتوثيق البيانات وعدد أفراد الأسرة.

  • إنَّ التسول  عند المساجد وفي الأسواق  والأماكن العامة ظاهرة مشينة  وخطيرة  وتعد جريمة تشوه الواجهة الحضارية  للدولة ،   وقد ينطوي عن التسول جريمة أشد خطورة و هي جريمة الإتجار بالبشر، والتسول محرم شرعاً ،وامتهان التسول  استغلال و إساءة للدين ، ويجب التعامل مع المتسولين والمتسولات بكل  حزم  وتطبيق العقوبة المناسبة عليهم ، و غالباً هؤلاء المتسولين يستخدمون الأطفال  طُعُمْ للحصول على الهبات والعطايا المادية ، وقد يخطفون  الأطفال من أجل استخدامهم في التسول واستدرار عواطف الناس ،   وأرى أن يضاف  إلى التدابير المعمول بها للحد من ظاهرة التسول مايلي-
  • ازدياد  أعداد  المتسولين والمتسولات يدعو إلى توحيد الجهود وإنشاء جهة أمنية متخصصة تتولى ملف  ظاهرة  التسول .

– التوسع الجغرافي في إنشاء مكاتب مكافحة التسول .

– أن يكون هناك فِرَق نسائية للتعامل المباشر مع المتسولات اللاتي في الغالب يَـلُذْن بالفرار والهرب من الموقع بكل سهولة  لكونهن نساء  و لصعوبة تعامل رجال الدوريات معهن.

  • المتسولة التي معها أطفال  لابد من التحقق من هويتها و هويات الأطفال و إثبات صلة القرابة بين الطفل والمتسولة قبل إخلاء سبيلها أو الإفراج عنها.
  •  التعاون بين الأمن العام والمدرية العامة للسجون و وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية،  وتهيئة  دور إيواء مناسبة  توضع فيها المتسولات والأطفال حتى انتهاء التحقيق ،  والتأكد من الهويات الشخصية لكل من  المتسولة والأطفال.
  •  من الجرائم  التي تشوه الإنسانية و التي لا تُغْتـَفَر حرمان الأطفال من تلقي التعليم الأساسي الَّذي هو حق لكل طفل ، والحرمان منه جريمة وجرح لا يندمل آثاره باقيه ترافق  الطفل من الصغر إلى  الكبر،  و يعاقب على ذلك الفعل  الإجرامي المسؤول عن الطفل وتطبق عليه أقسى العقوبات ،ومن جرائم خاطفة  الدمام  حرمان الأطفال المخطوفين من التعليم الأساسي وقبل ذلك حرمانهم من التطعيم وترتب على ذلك حرمانهم  من الهوية الوطنية ،  وأنا أتساءل ،أين دور عُمد الأحياء في المناطق التي سكنت فيها الخاطفة؟ أليس من أهم مهام  عُمد الأحياء معرفة سكان الحي ؟وملاحظة أي شيء غير طبيعي مثل أطفال لايذهبون للمدرسة !هل كانت تتعمد السكن في أحياء كبيرة المساحة مزدحمة بالسكان ؟حتى يضيعون بالزحمة ولا يراهم أحد .

و لذلك أرى أن تتشكل مجالس للأحياء من عمدة الحي وعدد من سكان الحي الثقات المشهود لهم  بالكفاءة  والصلاح  ، وأن يكون هناك مقر لمجلس الحي حتى يكون معروف لكل سكان الحي ،  والتعامل مع منصب عمدة الحي بمسؤولية ومهنية عالية لما له من دور جوهري ومهم على المستوى الاجتماعي والإنساني والأمني والتنموي و الخدمي لأهل الحي ، عمدة الحي منصب تكليف وأمانة  وليس تشريفاً ووجاهةً ،  ويترتب على هذا المنصب  مسؤوليات جسام أمام الله عز وجل ثم أمام الجهات الأمنية  والمجتمع .    

والله وليّ التوفيق

    اللهم نفعاً في الأرض وقبولاً في السماء

                

            

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى