انحسار معدلات إنتقال ” كورونا ” في السعودية بشكل كبير، بفضل عاملين مهمين: الجانب التوعوي بالمرض، و السيطرة على العدوى في المستشفيات عبر التدابير اللازمة من قِبَل الطواقم الطبية مع الحالات المصابة بالمرض.
قال سامي قاسم، أستاذ الفيروسات المساعد بكلية الطب البيطري بجامعة كفر الشيخ، واستشاري الفيروسات بوزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة، ومسؤول ملف “كورونا” الشرق الأوسط في الإبل بالمملكة: إن كورونا المستجد من عائلة الفيروسات التي لها غشاء دهني وتتأثر بشدة بالمطهرات، لذلك من السهل جدًّا القضاء عليها بالمطهرات، مثل المياه والصابون والكحول والإيثانول ومياه الأكسجين وغيرها من المطهرات، إذ إن المطهرات أيًّا كان نوعها تؤثر على هذا الفيروس وتقلل من تركيزه على الأسطح، لكن يفضل أن تكون بتركيزات مناسبة؛ حتى تقضي تمامًا على الفيروس.
وأضاف أنه من واقع التجربة، فإن معدلات انتقال “ميرس” كورونا أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، انحسرت في السعودية بشكل كبير، بفضل عاملين مهمين: أولهما الجانب التوعوي بالمرض، وثانيهما السيطرة على العدوى في المستشفيات عبر اتخاذ التدابير اللازمة من قِبَل الطواقم الطبية التي تتعامل مع الحالات المصابة بالمرض.
وعن تاريخ المرض، أوضح أن عائلة “كورونا” كانت من الفيروسات “المسالمة” التي تصيب الحيوانات فقط، وإذا أصابت الإنسان فإنها تُحدث أعراضًا تنفسية بسيطة، أشبه بدور برد خفيف، وذلك حتى عام 2003، الذي شهد أول انحراف وتحوُّر لعائلة “كورونا” في العالم، ليظهر في نوع جديد يسمى “سارس”، ثم ظهر بعده “ميرس” كورونا بالسعودية عام 2012، ثم مؤخرًا كورونا المستجد في الصين.
وعقد “قاسم” مقارنةً بين نسب الإصابة والوفيات بالأنواع الثلاثة المميتة لفيروس كورونا بعد تحوُّره، مشيرًا إلى أن “سارس” الذي بدأ في فبراير 2003 بالصين وانتقل منها إلى 27 دولة حول العالم، أصاب 8098 حالة، وتوفي بسببه 774 إنسانًا، واستمر تقريبًا عامًا ونصف، وكانت نسبة الوفاة إلى الإصابة 9.8% تقريبًا، وهذا معدل عالٍ جدًّا لعائلة فيروسات كانت “مسالمة” تحورت لتصبح “قاتلة”.
وأضاف أن النسخة الثانية من فيروسات كورونا المتحورة -أو ما عُرف بـ “ميرس” كورونا- ظهرت أول حالة إصابة بها في مدينة جدة السعودية عام 2012، ووصل عدد الحالات المصابة، حتى الآن، 2994 شخصًا، في حين بلغت الوفيات بسبب المرض 858 شخصًا، وبذلك يصل معدل الوفيات إلى الإصابات 34%، وهو معدل مرتفع للغاية.
أما كورونا المستجد يبلغ معدل الوفيات إلى الإصابات (حتى نشر التقرير) حوالي 2.46%، وهو معدل وفيات منخفض نسبيًّا، لكن يظل معدل الانتشار مرتفعًا للغاية، مقارنة بالنسختين السابقتين للفيروس.
وعن سبب الانتشار الكبير لكورونا المستجد، مقارنةً بالنسختين السابقتين، قال “قاسم”: إن الفيروس حديث نسبيًّا، ولم تتوصل الأبحاث التي أجريت عليه حتى الآن إلى معرفة السبب وراء سرعة انتشاره، لكن المعلومات المتوافرة عنه حتى اللحظة تفيد أن 76% من الحمض النووي للفيروس الجديد يتشابه مع فيروس “سارس”، كما أن 99% من جينوم الفيروس يتطابق مع الخفافيش، كما حددوا أن بؤرة الفيروس، في مدينة ووهان الصينية، كانت سوقًا للحيوانات الحية، بما فيها الخفافيش وآكل النمل وغيرها، إذ ظهرت 31 عينة إيجابية للفيروس الجديد من مجموع 33 عينة أُخذت من السوق.
وعن طرق انتقال العدوى، قال: إنه بمجرد انتقال عدوى “كوفيد 19” من الحيوان إلى الإنسان، فإنه يصبح مصدرًا للعدوى؛ لأن الفيروس تحور وأصبح ينتقل بين البشر، عبر الرذاذ والمخاط والإفرازات التنفسية، كأي مرض يصيب الجهاز التنفسي. أما بالنسبة لأكثر الفئات تعرُّضًا للإصابة، فهما فئتان: الأولى، أفراد عائلة المريض المصاب بالفيروس، باعتبارهم من المخالطين للمصاب، وينتقل بصورة مباشرة عبر التعرض لإفرازات المصاب مباشرة، أو ينتقل بصورة غير مباشرة عبر لمس الأسطح المختلفة الملوثة بالعدوى. وأما الفئة الثانية فتتمثل في الطواقم الطبية بالمستشفيات، الذين يخالطون الحالات المصابة ولا يأخذون الاحتياطات اللازمة لمنع انتقال العدوى إليهم.