العائدون  من الظلام

أن يسرق  لصاً ذهب، مال ، جوال ، سيارة  شيء عادي يحدث باِستمرار في كل مجتمع بشري وأن يسرق طفل أيضاً يحدث ولكن خاطفة الدمام  لم تكتفي بسرقة طفل واحد بل استمرت تسرق طفل آخر ثم آخر وتعيش ببرود مرتاحة البال وتمارس حياتها بلا خوف من الله  بلا تأنيب ضمير بلا شفقة على أمهات الأطفال عجيب أمر تلك المرأة الخاطفة خطفت طفل وسَلِمتْ لكن من أَمِنَ العقاب كرر الفعل مراراً عادت الكرة مرة ثانية وثالثة و أتمنى  أن لا يكون هناك عدد متزايد من ضحايا هذه المجرمة سلبتْ الأمن وروعت المجتمع واغتالت الفرح والسرور وحولت بشائر قدوم مولود إلى مأتم إلى عزاء لكن بدون جنازة بدون جثة وهذا أقصى أنواع  الألم والعذاب لأي أسرة فالأموات عند ربهم في مستقر رحمته لا خوف عليهم , لكن الفراق  القسري المباغت لشخص  مأسآة والعجز عن العثور عليه و مصيره غير معلوم  في غياهب المجهول لسنوات رحلة عذاب ، لقد سرقت تلك المرأة البسمة و راحة البال والسعادة من تلك الأسر تلك المرأة  تجردت من مشاعر الإنسانية لم تسرق شيء يتكفل الزمن بنسيانه بل سرقت شيء ثمين كل يوم يتجدد الحنين إليهِ و يزيد مع مرور الزمن  اللهفة والشوق إلى احتضانه لقد سرقت أرواح غضه لا حول لها ولا قوة إلا بالله وتركت غصة وجرح لا يلتئم في نفوس الأمهات والآباء والأسر يتجدد بعدد أيام الفقد والغياب يا الله كم هو موجع ومرعب  أن لا تعرف مصير فلذة كبدك ؟ أين مكانه تواجده؟ ماذا يأكل ؟ ماذا يشرب ؟ وكيف ينام ؟ وكيف تتم معاملته ؟ الحمد لله الذي أنعم على البشر بنعمة النسيان فلولا تلك الرحمة والنعمة العظيمة لما تجاوز الإنسان الأوقات الصعبة وتعايش مع المصائب والفواجع والحمد لله  على كرمه ولطفه أن استجاب لدعوات الأمهات والآباء وحفظ أماناتهم و أحسن عاقبة صبرهم برجوع أبنائهم وقرة أعينهم برؤيتهم بعد سنوات من الشوق والحنين والخيالات المؤلمة والمحزنة . لقد أقدمت هذه  المرأة على جريمة  أيما جريمة لا نعلم أسبابها أو دوافعها  غير أنها جريمة جلل وترتب عليها ضياع مستقبل وتدمير نفسيات وحرمان أطفال من دفء عوائلهم و حرمانهم من أبسط حقوق الحياة  الكريمة وحقهم في الرعاية الصحية والمعيشيةِ وبتلك الفعلة ضيعت حقهم الأساسي المكفول من الدولة حفظها الله في التطعيم  و التعليم والحصول على الهوية الوطنية وتعدى ذلك إلى جرم التلاعب بالأنساب و نسب طفل لغير والده و إيهام بعضهم أنهم لقطاء بذرة حرام  بلا جذور بلا هوية بلا تاريخ ؟ كسرت نفوسهم وأذلتهم يا الله كم هي مجرمة قاسية القلب !! إن تلك المرأة خططت ببراعة ونفذت ببسالة وسرقت واحتفظتْ بالمسروقات( الأطفال ) في  منزلها  وكأنها تعيش في جزيرة مهجورة  ليس لها إحتكاك مع أي أحد وكأنها لم تخالط بشراً ! ! أين الأهل المحبين والجيران الملاصقين كل تلك السنوات ؟ أين مسؤولين التعداد السكاني ؟ أين الجهات الخدمية في مكان سكنها الشرطة ، المستشفيات ؟ أين الإنسان  في الشارع في البقالة في المسجد ؟ هل كانت تقرأ عليهم تعويذات حتى لا يشعر بهم ولا يراهم أحد كل تلك السنوات ؟

وبعد أن انكشف سترها وفضح الله أمرها رجع المواليد إلى أهلهم شباب يافعين  مروا بتجربة استثنائية وكأنها خيال سينمائي وليست حقيقة لذلك لا يستغرب تعلقهم بتلك المرأة ودفاعهم عنها لقد تقمصت دور الأم المحبة سنوات و يبقى دور الأهل  تجاه أبنائهم العائدون بعد فراق احتوائهم ومساعدتهم على التحرر من الإحساس بالألم والخوف من آثار الماضي سوف يعبرون إلى بر الأمان الوقت كفيل بذلك مع الحب والعطاء  يتجاوز الإنسان المحن والصبر طوق نجاة يصنع المستحيل بعون الله أتمنى لهم في ظل أسرهم مستقبل آمن مشرق وتحقيق أمنيات مزهرة طالما تمنوها وليعلم هؤلاء الشباب العائدون من الظلام  إلى النور، أن قصتهم قصة ملهمة ألهمت الكثير من الأسر للبحث عن أطفالهم المفقودين منذ سنوات وجددت الأمل في الالتقاء بعد طول شتات وإن تفاصيل قصتهم تستحق أن تُروى و تدون في كتاب حتى يشاركهم تلك التجربة المؤلمة العالم بأسرهِ .

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى