السياحة والترفية

حكاية مكان (( قصر المقر ))

حكاية مكان ( سلسلة حكايات لمواقع سعودية تكتبها الإعلامية / اعتماد المسعري لتجسيد ماضينا وتراثنا وارثنا لحاضرنا)

قصر المقر
عند مدخل النماص وعند رؤية قصر المقر والذي يتربع وسط قرية تراثية متكاملة يتداعى للأذهان قصر الحمراء في غرناطة.
قرية المقر التراثية في منطقة النماص تعتبر أعجوبة من أعاجيب القرن الواحد والعشرين صاغتها عقلية هندسية تراثية في قالب سعودي صرف، وأحد أفضل الأماكن السياحية بالمملكة.

يقع قصر المقر أو قصر مدينة النماص, أو القصر الفلكي في قرية المقر التراثية الموجودة أعلى قمم جبال السروات في عسير ، و يبلغ ارتفاعها حوالي 2400 م عن سطح البحر ، يبعد 150 كم شمال أبها في أقصى الجنوب السعودي.
يحتوي القصر على آلاف المخطوطات وآلاف القطع التراثية التي تعود إلى مئات السنين كما يحمل هذا القصر آلاف الزخارف الإسلامية، كما يوجد بساحة القصر من الخلف شقق واستراحات لخدمة الزوار القادمين من مناطق بعيده، ويوجد به حديقه حيوانات واستراحه للزوار.

في احدى رحلاتي المنظمة لعسير وابها لمجموعة من مصورات الوان السعودية استقبلنا (العميد متقاعد محمد المقر الشهري) صاحب القرية التراثية مع زوجته بحفاوة وتكريم وبدأت القصة: حيث لم يدر بخلده أن تعثره في دراسته في مرحلة الطفولة، وأعادة الأول ابتدائي سبع مرات، سيجعله يقضي بقية عمره في البناء والتشييد مروراً قبلها برحلاتٍ سافر فيها إلى كل الدنيا مكتسباً الخبرة والدراية الكافية لتكون شرارة الانطلاق لمشروعه.

أكثر من عشرين واجهة تطل للزائرين وأروقة محاطة بالحدائق المعلقة، التي ما زال العمل جارياً فيها تسقى من خلال قنوات وينابيع مياه استخدم فيها العناصر الزخرفية الرقيقة في قالب هندسيٍ فريد من تصميمه شخصياً .
وزخارف من المعمار الأندلسي الذي يكسو الجدران، مطوقاً بالكيشاني المطرز بالنقوش العربية التي ذاع صيتها في الأندلس. والقصر صمم بطريقة تسمح لأشعة الشمس بعمل دورة كاملة على جميع نوافذ القصر المتعددة. ولعل أهم ما يميز القصر، القباب السبع التي تمثل قارات العالم السبع وهناك أكثر من 365 عموداً داخل القصر ممثلةً عدد أيام السنة تتشبع حيطانها بالحضارة الأموية والعباسية لتشكل حزاماً متناسقاً.

‏وتأتي الأدوار متخذة من الحقب والأزمنة التاريخية موضوعا لها ليحل في مخيلتك امتداد عصور مختلفة في الماضي والحاضر .
حيث يمثل الدور الأول حضارة الأندلس والعصر العباسي من خلال مجموعة من النقوش المختلفة كما أنه يضم حوالي 18 ألف قطعة أثرية تعود إلى هذا الزمن .
أما الدور الثاني فيمثل الحضارة الإسلامية من الصين شرقاً وحتى غرب أفريقيا، و تصل عدد القطع الأثرية الموجودة في كل من الدورين الأول والثاني إلى حوالي 20 ألف قطعة.
أما الدور الثالث فهو بمثابة سجل يحتوي على سردٍ لتاريخ المخطوطات الإسلامية في الطب والفلك والرياضيات وعلوم الفرائض واللغة العربية والمذاهب الإسلامية، ولكن من أبرز المخطوطات الموجودة هي مخطوطات القرآن الكريم التي تمت كتابتها باليد، و التي يصل عددها لأكثر من ألف مخطوطة لألف عالم في ألف تاريخ مختلف.

استغرق البناء أكثر من 35 عاما واستخدم فيه أكثر من مليوني حجر طبيعي من جبال عسير بتكلفة تفوق الـ 80 مليون ريال سعودي لتكون من شواهد براعة هذا الإرث التاريخي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى